اعتبر رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم أن سورية أصبحت مختبراً لمؤامرة تل أبيب لتقسيم الدول العربية، وحذر هذه الدول التي تكتفي بإصدار البيانات التي تدين اعتداءات النظام.
وبحسب موقع عاشوراء نيوز، نقلاً عن وكالة مهر للأنباء، حذر عبد الباري عطوان، المحلل المعروف في شؤون العالم العربي ورئيس تحرير صحيفة رأي اليوم الإلكترونية، من مؤامرة كبرى خطط لها النظام الصهيوني ضد الدول العربية، وأعلن في مقاله الجديد: في أعقاب غارة جوية جديدة نفذها الصهاينة بالقرب من القصر الرئاسي السوري يوم الجمعة، ووصلت شظاياها إلى مقر أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، رئيس الحكومة السورية الجديدة، نفذت مقاتلات النظام المحتل 20 هجوماً جديداً على البلاد صباح السبت، مستهدفة مواقع عسكرية في عدة مناطق من سوريا، بما في ذلك إدلب (العاصمة السابقة لأحمد الشرع) وحماة واللاذقية.
أكد عبد الباري عطوان: "إن هجمات النظام الصهيوني على سوريا، كما أشار إليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حرب نظام الاحتلال إسرائيل كاتس في بيان مشترك، تحمل رسالة واضحة للحكومة السورية الجديدة برئاسة أبو محمد الجولاني. هؤلاء المسؤولون الصهاينة، وبينما يدّعون دعم الدروز في سوريا، أعلنوا أنهم لن يسمحوا أبدًا بتمركز القوات السورية في جنوب البلاد".
وقال المحلل الفلسطيني: "إن جنوب سورية يقع حالياً تحت الاحتلال الصهيوني بشكل كامل، وأقام جيش الاحتلال تسع قواعد عسكرية فيه". كما أن ذريعة المحتلين للبقاء في جنوب سورية هي أنهم يريدون منع تواجد القوات السورية المعادية في المناطق التي يسكنها الدروز، ومنع دخول الأسلحة إلى سورية، وإبقاء دمشق تحت التهديد الدائم من إسرائيل، التي تستطيع استهدافها متى شاءت.
وبحسب هذا المحلل للشؤون الاستراتيجية الإقليمية فإن النظام الصهيوني يسعى إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق استراتيجية جديدة يبدأ فصلها الأول بسوريا وتتلخص أسسها فيما يلي:
-يسعى النظام الصهيوني إلى تحريض الأقليات الطائفية والعرقية في جميع الدول العربية الكبرى ضد الأنظمة الحاكمة في هذه الدول، ولتحقيق هذا المخطط يستخدم الفتنة والصراعات العرقية والدينية ويوفر الأرضية للنفوذ العسكري الإسرائيلي في هذه الدول.
-ولتنفيذ هذا المخطط في سورية ادعى النظام الصهيوني دعم الطائفة الدرزية وأجبرهم على الإساءة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بهدف خلق الصراعات الدينية والفتنة. ومن المؤكد أن غرفة عمليات التجسس السوداء التابعة للنظام الصهيوني هي نفس الجهة التي تدير هذه الفتن، وأن الصراع في منطقتي جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، وكذلك الصراعات التي جرت على الساحل الشمالي لسوريا، كانت أيضاً تحت إدارة غرفة عمليات التجسس الإسرائيلية نفسها.
- لقد شمل الكيان الصهيوني جميع الدول العربية، وخاصة الدول الكبيرة كمصر والسعودية والعراق والجزائر، وفي المرحلة القادمة سيأتي دور هذه الدول. لأن هناك أقليات طائفية وعرقية كثيرة في كل هذه الدول، والظروف مناسبة لتنفيذ المؤامرة الإسرائيلية.
-إن سورية ليست إلا حقل تجارب لتنفيذ مخططات النظام المحتل في كافة الدول العربية؛ لأن التركيبة الحالية لسوريا، مع انقساماتها الطائفية والعرقية الشديدة وغياب حكومة واحدة قادرة على تنظيم البلاد، تشكل منصة مناسبة للصهاينة لتحقيق هذا الهدف. وتعتبر الجرائم التي وقعت في الساحل الشمالي لسوريا، وفصل أكثر من مليون عسكري وأمني وموظف في مؤسسات حكومية بحجة انتمائهم للنظام السابق، من بين عوامل أخرى توفر أرضية مناسبة للفتنة والصراعات الداخلية في سوريا.
- نؤكد أن التفكك والتقسيم هو الهدف النهائي لهذا المخطط الصهيوني من خلال خلق كانتونات طائفية وعرقية، وإذا تم تطبيق مثل هذا المخطط في سورية فإن الخطوة التالية ستكون للمراكز العربية الرئيسية.
- الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى على علم كامل بهذا المخطط الصهيوني وتدعمه. ولهذا السبب يلتزم الأميركيون والغربيون الصمت إزاء الهجمات المتواصلة التي يشنها النظام الصهيوني على سوريا ولبنان. الهدف النهائي لهذه الخطط هو تفكيك كل الدول العربية مثل ليبيا، وأتمنى أن يعرف الناس هذا.
وأشار عبد الباري عطوان: "كنا في السابق نعارض في كثير من الأحيان سياسات وليد جنبلاط، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، لكننا الآن نتفق تماماً مع مواقفه التي تؤكد على ضرورة توحيد الطائفة الدرزية ضد فتنة النظام الصهيوني وحماية الدروز السوريين من هويتهم السورية والعربية". ويريد النظام المحتل جر الدروز إلى حرب مع أكثر من ملياري مسلم حول العالم وتحويل المجتمع الدرزي إلى أداة لخدمة أجندته.
وتابع المحلل الفلسطيني: "لكن مثل هذه الحرب التي يسعى إليها الصهاينة محكوم عليها بالفشل، ويجب ألا ينجح العدو المحتل الذي هُزم في غزة واليمن ولبنان في تنفيذ مؤامراته ضد سوريا أو أي دولة عربية وإسلامية أخرى". إن علامات الهزيمة الصهيونية واضحة، وإن قتل الأطفال وتجويع المدنيين وإثارة الفوضى لا يعد انتصاراً أبداً.
وختم عطوان بالتأكيد على أنه إذا كان النظام الجديد الحاكم في دمشق يعارض فعلاً مشروع تقسيم سوريا فإن أول خطوة يجب أن يقوم بها هي التواجد في خنادق المقاومة ورفض مشروع التسوية التآمرية مع الصهاينة بأسرع وقت ممكن وتحويل سوريا إلى رمز للتعايش السلمي. ولكن هل ستفعل حكومة الجولاني هذا حقا؟ على كافة الدول العربية التي تكتفي بإصدار البيانات التي تدين عدوان النظام الصهيوني على سورية وتغض الطرف عن جرائم إسرائيل أن تعلم أن دورها سيأتي قريبا.
ارسال تعليق