ینبغی على المراهقین أن یتعلموا تقنیات تلاوة القرآن الکریم لتحقیق التلاوة المدروسة.

وقال أحد مقرئي القرآن الكريم العالميين: "يجب على القراء أن ينقلوا مشاعر ومعاني الآيات في تلاوتهم، وهذا لن يكون ممكنا إلا من خلال إتقان تقنيات التلاوة المختلفة والفهم العميق لمعاني القرآن الكريم".

startNewsMessage1

وذكرت وكالة أنباء عاشوراء نقلا عن وكالة مهر للأنباء: إن القرآن الكريم هو كلام الله ومصدر هداية للبشرية. إن تلاوة هذا الكتاب الإلهي عبادة ثمينة تجلب الطمأنينة إلى القلب. ولكن إلى جانب التلاوة المجردة، هناك نهج يمكن أن يرفع فهمنا للقرآن إلى مستوى أعمق، وهو التلاوة التأملية. التلاوة التأملية هي عملية يصاحب التلاوة فيها التفكير والتأمل والسعي لفهم معنى ومفهوم الآيات. وهذا النهج يأخذنا إلى ما هو أبعد من مجرد الاستماع السطحي للآيات، ويقودنا إلى أعماق المعاني والرسائل الإلهية. في التلاوة المدروسة، يُنظر إلى كل آية على أنها نافذة على المعرفة الإلهية.

هناك العديد من الطرق للتلاوة التأملية. ومن أهم هذه الأساليب الوقوف والتأمل في معاني الآيات. بعد تلاوة كل آية، نأخذ لحظة للتأمل ومحاولة فهم معنى الآية. يمكننا أن نسأل أنفسنا: ماذا تقول هذه الآية؟ ما هي الرسالة التي تحملها لي؟ كيف يمكنني تطبيق هذه الآية في حياتي؟ إن استخدام التفاسير الموثوقة يمكن أن يساعدنا أيضًا على فهم الآيات بشكل أعمق. ويقدمون تفسيرات وتوضيحات وتحليلات للآيات التي يمكن أن تساعدنا على فهم معاني ومفاهيم القرآن الكريم. ويمكننا أيضًا أن ننتبه إلى علاقة الآيات ببعضها البعض، ومع تعاليم القرآن الأخرى.

إن التلاوة التأملية هي وسيلة للتقرب من القرآن والاستفادة من هدايته. وبهذا النهج نستطيع أن نتجاوز القراءة السطحية للآيات ونصل إلى عمق المعاني والرسائل الإلهية. إن التلاوة التأملية تدعونا إلى التفكير والتأمل والعمل، ويمكنها أن تغير حياتنا.

في سلسلة من الحوارات مع الناشطين القرآنيين، وخاصة قراء القرآن الكريم، نهدف إلى التعرف أكثر على أجواء الانسجام مع كلام الوحي.

ولد جعفر فردي في طهران عام 1988 وبدأ تعلم وتلاوة القرآن الكريم منذ الصغر. واستمر على هذا النهج، وخاصة خلال سنوات دراسته، وعزز مهاراته في هذا المجال تدريجيا من خلال اكتساب الخبرات المختلفة. وكان تواجده بين يدي الأستاذ محمد حسين سعيديان نقطة تحول في مسيرته التعليمية في تلاوة القرآن الكريم. وبجهد كبير وتفانٍ نجح في الحصول على ألقاب رائعة في مسابقات القرآن الكريم ومسابقات الإنشاد الديني والدعاء. على سبيل المثال، في عام 2004، فاز بالمركز الثاني في المسابقة الوطنية في الوضوء الديني. وإلى جانب نجاحاته الوطنية، فاز أيضًا بألقاب مرموقة من خلال مشاركته في المسابقات الدولية.

أهم لقب دولي حققه جعفر فردي هو المركز الأول في مسابقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدولية، والتي فاز بها عام 2014. وباعتباره أحد القراء المتميزين في البلاد، فقد سافر أيضًا إلى بلدان مختلفة لتلاوة القرآن الكريم بين المسلمين حول العالم، بما في ذلك إندونيسيا وقطر وتركيا والسودان وجنوب إفريقيا ولبنان والمملكة العربية السعودية.

 

وعن أهمية التلاوة المتأنية قال جعفر فردي: في مجال تلاوة القرآن الكريم كان السؤال دائما هل يكفي أن يكون لدينا صوت جميل ومراعاة تقنيات التجويد، أم يجب علينا أيضا الاهتمام بفهم معاني الآيات وإيصال المفاهيم للمستمع، بالإضافة إلى هذه المهارات؟ بمعنى آخر، هل تلاوة القرآن الكريم مجرد فن صوتي، أم أنها تحمل رسالة أبعد من ذلك؟ والجواب على هذا السؤال يقودنا إلى مفهوم "التلاوة التأملية"؛ تلاوة لا يفكر فيها القارئ فقط في جمال ودقة التلاوة، بل يحاول أيضًا إيصال الرسالة الإلهية إلى المستمعين من خلال التأمل في معاني الآيات.

إن التلاوة التأملية هي عملية تدريجية تتطلب المرور بمراحل عديدة.

رداً على السؤال، هل تتوفر البنية التحتية اللازمة لتشجيع التلاوة المدروسة في مجتمع القراء؟ قال: للإجابة على هذه الأسئلة لا بد من الإشارة إلى أن تحقيق القراءة التأملية عملية تدريجية تتطلب المرور بمراحل عديدة. يجب على القارئ أن يقضي سنوات في تعلم تقنيات التلاوة، وتقليد الأساتذة، وتحسين جودة التلاوة. وبعد أن يصل الإنسان إلى النضج النسبي في التلاوة، فإنه يستطيع التركيز على فهم آيات القرآن الكريم، ومواضيعه، ومعانيه. وبعبارة أخرى، لا يمكن أن نتوقع من القارئ المبتدئ أن ينخرط فورًا في تلاوة مدروسة.

وقال هذا القارئ العالمي للقرآن الكريم: "السؤال الذي يطرح نفسه هو هل لدى مجتمع قرائنا البنية التحتية والمنصات اللازمة لتحقيق هذا النوع من التلاوة؟" هل يمتلك قراء القرآن الكريم المهارات والمعرفة الكافية لفهم رسالة القرآن الكريم بشكل عميق ونقلها بشكل مفيد؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب دراسة متأنية وواقعية للوضع الحالي وتحديد نقاط القوة والضعف. ولا بد من الإشارة إلى أن تحقيق التلاوة المدروسة عملية تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب المرور بمراحل عديدة. يجب على قارئ القرآن الكريم أن يقضي سنوات في تعلم فنون التلاوة والتجويد، وممارستها بشكل مستمر، وتقليد كبار أساتذة هذا الفن حتى يصل إلى المهارة والإتقان في هذا المجال. وبعد ذلك ينتقل تدريجيا إلى فهم وتدبر معاني الآيات، ويسعى إلى أن يكون تلاوته أكثر ثراء وفعالية من خلال فهم مفاهيم ورسائل القرآن الكريم. وبعبارة أخرى، لا يمكن أن نتوقع من القارئ المبتدئ أن ينخرط على الفور في تلاوة مدروسة؛ وهذا يتطلب الصبر والمثابرة والجهد المتواصل.

قال أحد الأشخاص: لحسن الحظ، شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة في اهتمام القراء بالتلاوة المدروسة. وقد اتجه العديد من القراء الشباب، في محاولتهم لتحسين مستواهم الفني في التلاوة، إلى دراسة معاني الآيات والتأمل فيها. إن هذا الاتجاه الإيجابي يبشر بأننا سنشهد في المستقبل غير البعيد ظهور قراء تكون تلاواتهم ليس فقط جميلة وممتعة من حيث الصوت والنبرة، بل أيضا غنية ومؤثرة من حيث نقل معاني ورسائل القرآن الكريم.

الافتقار إلى الموارد التعليمية المناسبة والكافية لتعزيز التلاوة المدروسة

وأكد في هذا الصدد على بعض النقاط، وقال: إن الاهتمام بالقراء الكبار والمعروفين أمثال الأستاذ مصطفى إسماعيل وغيره يمكن أن يكون نموذجاً للقراء الشباب ليتعلموا من تقنياتهم وتجاربهم. يتمتع كل من هؤلاء الأساتذة بأسلوب فريد من نوعه قادر على إلهام القراء الشباب. على سبيل المثال، يُعرف الأستاذ مصطفى إسماعيل بقدراته الخاصة في الإلقاء والتأثير على المستمعين. إلى جانب استخدام التقنيات الجميلة، اهتم أيضًا بالمعاني والمضمون، مما جعله واحدًا من أعظم القراء في التاريخ.

يلامس القارئ نفوس وأرواح المستمعين بتلاوة ذات معنى عميق وعاطفة عميقة.

وأضاف القارئ البارز: "وكذلك يجب على القراء أن ينقلوا مشاعر ومعاني الآيات في تلاوتهم". وهذا لن يتأتى إلا بإتقان التلاوة المختلفة والفهم العميق لمعاني القرآن الكريم. إذا أراد القارئ أن يقرأ ظاهراً فقط دون الاهتمام بالمعنى فإن ذلك يؤدي إلى قلة التأثير على المستمع. لذلك فإن الاهتمام بالتدبر وفهم معاني الآيات مع تعلم فنون التلاوة أمر في غاية الأهمية.

وأخيرا فإن الدور الذي يلعبه القراء في إيصال المفاهيم القرآنية والتأثير في المجتمع له أهمية كبيرة. فهي قادرة على التأثير في نفوس وأرواح المستمعين بتلاوة تحمل في طياتها معاني ومشاعر عميقة. وأقترح أن يتم عقد المزيد من الورش واللقاءات المتخصصة في هذا المجال حتى يتمكن القراء الشباب من التعرف على قضية التأمل واكتساب المزيد من المعلومات والتعاليم في هذا المجال. يمكن أن يساعد هذا الإجراء في ترسيخ ثقافة التلاوة المدروسة بين قراء القرآن الكريم والمستمعين.

 

ارسال تعليق