إن وقف إطلاق النار لن يغير من وضع الحرب بين إيران والكيان الصهيوني، ومن المهم في الترتيبات العسكرية والأمنية للبلاد الحفاظ على الجاهزية في المجالات الدفاعية والهجومية.
وفقًا لوكالة أنباء عاشوراء، نقلاً عن وكالة مهر للأنباء، مع إعلان وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني، من الضروري معرفة ما حدث قانونيًا بين الجانبين، وما هي الالتزامات والواجبات المفروضة عليهما، وما هي واجبات المؤسسات الدولية في هذا الصدد، وهل وقف إطلاق النار هو السلام؟
الفرق بين السلام ووقف إطلاق النار من منظور القانون الدولي هو فرق جوهري ذو عواقب قانونية مهمة على الأطراف المعنية، وكذلك على المؤسسات الدولية.
وقف إطلاق النار هو اتفاق مؤقت، وغالبًا ما يكون فوريًا، لوقف النزاعات المسلحة دون حل نهائي للنزاع، ويمكن تنفيذه ثنائيًا أو من جانب واحد أو من قبل المنظمات الدولية. وقف إطلاق النار هو اتفاق سياسي وعسكري بطبيعته، وليس بالضرورة قانونيًا أو دائمًا، ويمكن الإعلان عنه في شكل اتفاق شفهي أو مكتوب أو قرار من مجلس الأمن. ومع ذلك، فإن اتفاق السلام هو اتفاق نهائي وشامل يُبرم بعد مفاوضات، وأحيانًا بوساطة.
يشمل وقف إطلاق النار أبعادًا سياسية وقانونية وإقليمية وأمنية، ومن منظور القانون الدولي، يُمثّل نهايةً رسميةً للحرب وأساسًا لعودة العلاقات الطبيعية بين الدول. في الواقع، هو نهايةٌ للنزاعات وبدايةٌ لتعاونٍ طويل الأمد ومستدام. يتطلب السلام توقيع معاهدة سلام، ووفقًا لدستور جمهورية إيران الإسلامية، تتطلب كل معاهدة دولية موافقة مجلس الشورى الإسلامي. لذا، نحن على هذا الجانب من وقف إطلاق النار، ولا يمكن نسب مفهوم السلام إليه بأي شكلٍ من الأشكال.
الآن، يجب أن ننظر إلى الوضع القانوني للأطراف في حالة وقف إطلاق النار، وهل يمنع وقف إطلاق النار التحقيق في الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام الصهيوني؟
يجب أن نشير أولًا إلى أن وقف إطلاق النار لا يعني غياب نهاية رسمية للنزاع المسلح، بل هو مجرد توقفه. لذلك، من منظور قانوني، لا يزال البلدان في حالة "نزاع مسلح دولي". إذا انتهك أحد الطرفين وقف إطلاق النار، فقد يرتكب انتهاكًا خطيرًا لقواعد النزاع المسلح. يشمل ذلك المسؤولية الجنائية (مثل جرائم الحرب) والمسؤولية الدولية للدول، وفي حال شكوى أحد الأطراف من انتهاك، يحق لمجلس الأمن اتخاذ تدابير بموجب الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة (العقوبات، الإدانة، إرسال مراقبي سلام).
وفقًا للقانون الدولي، وخاصةً القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، لا تسقط المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب حتى مع انتهاء الحرب أو وقف إطلاق النار، ولن يُشكّل وقف إطلاق النار عائقًا أمام مقاضاة النظام الصهيوني لجرائم الحرب. تشمل جرائم الحرب ما يلي:
الهجمات على المدنيين
تدمير المستشفيات، وقوات الإغاثة والهلال الأحمر، ومراكز الإعلام، والصحفيين
استهداف البنية التحتية المدنية (مثل محطات الطاقة، والمدارس، ومراكز المياه).
شهدنا في الحرب الأخيرة انتهاكًا صارخًا وجسيمًا لحقوق المدنيين من قِبل النظام الصهيوني، وهي أمثلة دقيقة على جرائم الحرب التي يُمكن مقاضاة مرتكبيها حتى بعد وقف إطلاق النار. إن محاولة إسرائيل شنّ حرب عدوانية على إيران، خلافًا لميثاق الأمم المتحدة، تُعدّ مثالًا على جريمة ضد السلام، وهي من "الجرائم التي لا تُغتفر" التي تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقًا للمادة الخامسة من النظام الأساسي.
لذلك، أولًا، يجب أن نعلم أن وقف إطلاق النار لا يُغيّر حالة الحرب بين إيران والنظام الصهيوني، ومن المهم الحفاظ على الجاهزية في المجالات الدفاعية والهجومية ضمن الترتيبات العسكرية والأمنية للبلاد.
ثانيًا، لانتهاك وقف إطلاق النار عواقب قانونية، وثالثًا، لا يُعفى وقف إطلاق النار النظام الصهيوني الغاشم من مسؤولياته عن جرائم الحرب والجرائم ضد السلام التي ارتكبها، ومن واجب الجهاز القانوني والدبلوماسي للبلاد متابعة هذه القضية عبر القنوات الدولية الرسمية لإدانة هذا النظام.
سيد مهدي جوادي؛ أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران وعضو مركز أبحاث تطوير أدوات حوكمة جديدة بجامعة طهران
ارسال تعليق