وداعا للرجل البطل الذی جلب لنا السلام.

شهدت ساحة الجمهورية الإسلامية في طهران اليوم ملحمة فريدة من الإيمان والبصيرة والشكر.

startNewsMessage1

نقلاً عن وكالة أنباء عاشوراء، نقلاً عن مراسل وكالة مهر، شهدت ساحة الجمهورية الإسلامية في طهران اليوم ملحمة إيمانية وبصيرة وامتنان لا مثيل لها. ففي تشييع جثمان الشهيد الجليل، الشهيد محمد قبادي، من حرس الثورة الإسلامية، تجمع حشد غفير من المواطنين، من عسكريين ومسؤولين حكوميين، وأسر الشهداء والمحاربين القدامى، وشباب ومراهقين، وشرائح مختلفة من أهالي المحافظة، لتوديع بطل وطنهم، وتجديد العهد على مبادئ الثورة الإسلامية والشهداء. وقد جسّد هذا الموكب الروحي، الذي بدأ الساعة التاسعة صباحاً واستمر حتى قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً، مشاهد رائعة من الوحدة والتعاطف.

وُجّه جثمان الشهيد محمد قبادي، من حرس الثورة الإسلامية، الطاهر والمقدس، الذي نال مكانة الشهادة دفاعاً عن الوطن على يد كلب النظام الصهيوني المسعور والوحشي، بأيدي المعزين المتحمسين من ساحة الجمهورية إلى مسجد لولاغار. امتلأت الشوارع المؤدية إلى ساحة الجمهورية بحشود من الشهداء الذين قدموا لاستقبال هذا الضيف الكريم، حاملين أعلام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وصور الشهداء ولافتات تحمل شعارات الشهادة والوصاية.

امتزجت أجواء المراسم بحزن وأسى عميقين، لكنها امتلأت بالفخر والعز الوطني. وترددت في موكب الجنازة شعارات "حسين حسين شعارنا، الشهادة شرفنا"، و"أيها القائد الحر، نحن مستعدون، مستعدون"، و"الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل". مهدت حشود من الناس الطريق لجثمان الشهيد بتقديم الزهور وبتلات الورد، وشهدت عيون الحاضرين على دموع الفراق والشوق. وقد أضفى الحضور الكبير لعوائل الشهداء والمحاربين القدامى، وخاصة الآباء والأمهات الذين عايشوا فراق أحبائهم، على هذه المراسم طابعًا خاصًا.

على هامش مراسم الجنازة، قال محمد إسماعيل عسكري في مقابلة مع مراسل وكالة مهر: "جئتُ اليوم لأُودع رجلاً بطلاً، رجلاً جلب لنا السلام".

وأضاف: "تستضيف طهران اليوم بطلاً. رجلاً من أبناء الشعب، بقلبٍ واسع كالبحر، ضحى بحياته من أجل أمننا وراحتنا". الشوارع المؤدية إلى ساحة الجمهورية مزدحمة، ليس بسبب الضجيج، بل بسبب الكراهية والاحترام. لقد توافد الناس لتشييع جثمان عزيزٍ ربما لم يعرفوه، لكننا اليوم نشعر جميعاً بالقرب منه.

وقال عسكري: "لقد علّمنا الشهيد محمد دهقاني والشهداء الآخرون أن حماية الوطن والقيم تتطلب التضحية بكل شيء. هذه الجنازة تُذكرنا بأن الأبطال موجودون دائماً بيننا، أحياناً في صورة جار، وأحياناً في صورة صديق، وأحياناً في صورة الشهيد الذي نُودعه اليوم".

تابع هذا المواطن الطهراني قائلاً: "ليعلم العدو أننا سنصمد حتى آخر نفس، ولن نخضع للظلم والذل ولن نستسلم له". لم أكن أعرف هذا الشهيد الجليل، لكنني حضرت جنازته احتراماً لتضحيته وإخلاصه للوطن والشعب.

قبل بدء مراسم التشييع الرسمية، حمل المشيعون جثمان الشهيد الطاهر إلى منزل والده في زقاق فوسوك، بساحة الجمهورية، مُزينين بالورود. نال هذا الشهيد الجليل درجة الشهادة الرفيعة في السابعة والعشرين من عمره. وحسب ما أفاد به الحضور، فإن أهم سماته الشخصية كانت أخلاقه وإيمانه.

واليوم، أثبت الشعب الإيراني مرة أخرى، بحضوره في هذه الملحمة العظيمة، أن نهج الشهداء مستمر، وأن أي قوة لن تستطيع إضعاف عزيمة هذا الشعب وإرادته في الدفاع عن قيمه ومبادئه.

لم يكن هذا الحفل مجرد وداع، بل كان تجسيداً للوحدة والتلاحم الوطني. إن حضور مختلف شرائح الشعب، بمختلف أذواقهم وأفكارهم، بعث رسالة واضحة للأعداء في الداخل والخارج، مفادها أن الأمة الإيرانية موحدة ومتكاملة في الدفاع عن هويتها.

لم يُذكر تشييع جثمان الشهيد محمد قبادي بشجاعة مجاهدي الإسلام خلال فترة الدفاع المقدس، والدفاع عن حرمة أهل البيت عليهم السلام، والدفاع المقدس الذي استمر اثني عشر يومًا ضد الكيان الصهيوني فحسب، بل كان أيضًا بمثابة شعلة متقدة، أضاءت الطريق للأجيال القادمة لتتبع درب الشرف والفخر لإيران الإسلامية، مستلهمين من شخصيات الشهداء.

في ختام المراسم، سيُنقل جثمان الشهيد الحرسي محمد قبادي إلى مقبرة بهشت ​​الزهراء، ليُدفن مع سائر الشهداء ورفاقه في القطعة 42 من مقبرة الشهداء. رحم الله روحه الطاهرة، وجعل سيرته الزاخرة بالسير.

 

ارسال تعليق