ادعای رئیس جمهور آمریکا درباره «از بین رفتن کامل برنامه هسته‌ای ایران»، به محل اصلی مناقشه در داخل آمریکا بدل شده و رسانه‌های این کشور یکی پس از دیگری ادعای وی را زیر سؤال می‌برند.
وفقًا لوكالة عاشوراء نيوز، نقلًا عن وكالة مهر للأنباء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد 22 يونيو/حزيران أن الجيش الإيراني استهدف المنشآت النووية الرئيسية في إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان. وقد أصبح ادعاء الرئيس الأمريكي بشأن "التدمير الكامل لبرنامج طهران النووي" عقب هجوم واشنطن على المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، محور جدل واسع داخل الولايات المتحدة، حيث تشكك وسائل الإعلام الأمريكية، الواحدة تلو الأخرى، في ادعاء الرجل الوهمي في البيت الأبيض، نقلًا عن مصادر.
بعد هذا العدوان السافر وغير المبرر، ادعى ترامب أن المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية "دُمّرت بالكامل" في هذا الهجوم!
كما كرر نائبه، جيه. دي. فانس، ادعاء ترامب بأن المنشآت النووية لطهران دُمرت في هذه الهجمات، واصفًا هذا الهجوم بأنه "أحد أنجح الهجمات العسكرية في التاريخ".
إلا أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتخذ موقفًا مختلفًا، دون تكرار ادعاء ترامب، قائلاً إن "الإيرانيين اليوم أبعد ما يكونون عن امتلاك سلاح نووي عما كانوا عليه قبل اتخاذ الرئيس الأمريكي هذا الإجراء. أهم ما يجب معرفته هو وقوع أضرار جسيمة في أجزاء مختلفة، ونحن نكتشف المزيد عنها حاليًا".
مباشرةً بعد ادعاء ترامب، أفادت شبكة CNN، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة على تقييم استخباراتي أمريكي أولي، أن الهجمات العسكرية الأمريكية على ثلاث منشآت نووية إيرانية الأسبوع الماضي لم تُدمر أجزاءً حيوية من البرنامج النووي للبلاد، ومن المرجح أنها أخّرته لبضعة أشهر فقط.
أفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مسؤول أمريكي كبير، أن الهجوم على فوردو لم يُدمر المنشأة، بل ألحق بها أضرارًا فقط.
ردّت واشنطن بغضب على تسريب هذه المعلومات، وزعمت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في بيانٍ لا أساس له، لشبكة CNN: "هذا التقييم المزعوم خاطئٌ تمامًا، ورغم سريته البالغة، فقد سُرّبَ إلى CNN من قِبَل جهةٍ مجهولةٍ ومنحطةٍ في مجتمع الاستخبارات. إن الكشف عن هذا التقرير المزعوم محاولةٌ سافرةٌ لإذلال الرئيس ترامب وتشويه سمعة الطيارين الشجعان الذين نفّذوا عمليةً لا تشوبها شائبة لتدمير البرنامج النووي الإيراني. يعلم الجميع ما يحدث عندما تسقط 14 قنبلةً وزنها 30 ألف رطل على أهدافها بدقة: دمارٌ شامل!".
بعد CNN وصحيفة نيويورك تايمز، اعترفت وكالة أسوشيتد برس أيضًا بفشل الهجمات الأمريكية على فوردو. وأعلنت هذه الوكالة، استنادًا إلى تقريرٍ استخباراتيٍّ أمريكي، أن الهجمات الأمريكية لم تُلحق ضررًا كبيرًا بالبرنامج النووي الإيراني، بل أخّرته لعدة أشهر.
كما أكدت صحيفة وول ستريت جورنال، مستشهدةً بتقارير استخباراتيةٍ أولية، أن هجمات واشنطن أخّرت البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهرٍ فقط.
في سياق آخر، نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة قولها إن الغارات الجوية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية لم تُدمر القدرة النووية للبلاد، بل أجّلتها لبضعة أشهر فقط. وصرحت ثلاثة مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، بأن هذا التقييم الأولي أعدته وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية. ووفقاً لمصدرين، لم تُدمّر الهجمات الأمريكية احتياطيات إيران من اليورانيوم المُخصّب، وأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية ربما تأخر شهراً أو شهرين فقط.
أعرب ترامب، مُحبطاً من التقارير المذكورة وغاضباً من تسريب المعلومات، عن استيائه من هذه التقارير، مُدّعياً على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" أن "سي إن إن تُروّج لأخبار كاذبة، وقد تواطأت مع صحيفة نيويورك تايمز المُفلسة في محاولة لتشويه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ"!
ردّ ستيف ويتاكر، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، على التسريب والإحراج الواسع الذي أعقبه، قائلاً: "من الواضح أن تسريب مثل هذه المعلومات، بغض النظر عن محتواها ومصدرها، أمرٌ مخزٍ وخيانة. يجب التحقيق فيه ومحاسبة المسؤولين عنه".
اليوم، نأى روبيو بنفسه عن ادعاء ترامب بشأن "التدمير الكامل" للمنشآت النووية الإيرانية، قائلاً إنه يمكن إعادة بناء موقع أصفهان.
وفي وقت سابق، أفادت وكالة رويترز، نقلاً عن مصدر إيراني رفيع المستوى، أن معظم اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو النووية قد نُقل إلى موقع آخر قبل الهجوم الأمريكي.
بعد أيام قليلة من العدوان الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، والذي أثار موجة من الإدانة من المجتمع الدولي، بدأت الأبعاد الأوسع لفشل هجوم واشنطن تتضح؛ ومع ذلك، في غضون ذلك، امتنع مؤيدو الولايات المتحدة، كما هو متوقع، عن إدانة الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
ارسال تعليق