قصة عن أسعد یوم فی حیاة الرسول صلى الله علیه وسلم

كتب حجة الإسلام حامد أحمدي رئيس اللجنة الثقافية والتعليمية في الأربعين بياناً بمناسبة اليوم الأول من شهر ذي الحجة وذكرى زواج سيدنا علي (ع) من السيدة الزهراء (ع) ووصفه بأنه أسعد أيام النبي (ص).

startNewsMessage1

بحسب وكالة أنباء عاشوراء، نقلاً عن وكالة مهر للأنباء، كتب حجة الإسلام حامد أحمدي، رئيس اللجنة الثقافية والتربوية في الأربعين، بياناً بمناسبة حلول الأول من شهر ذي الحجة وذكرى زواج الإمام علي والإمامة الزهراء (عليهما السلام)، نقرأه أدناه:

سبعون يوماً مضت على غزوة بدر المصيرية.

ما زالت فرحة هذا النصر العظيم حاضرة على وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

لكنه اليوم كان أكثر ابتسامة وفرحاً من يوم المدينة (يوم انتصار بدر).

مع أن فرحة ذلك اليوم لم تغب عن وجهه، إلا أنه اليوم كان أكثر سعادة!

حتى أنه يُعتقد أنه عزم على إنجاز أمر مهم، وانطبعت فرحته على وجهه المشرق.

هذه هي عبارات ابنة عميس في لقائها الصباحي بفاطمة (عليها السلام).

كان يأتي إلى بيت النبي لزيارتها في أغلب الأيام.

بعد أن روى لها النبي فرحته، جلست بجانبه بلهفة لتشاركه ما سمعته من أخبار. سيدةٌ متعلقةٌ بالسيدة الزهراء (عليها السلام) ومفتونةٌ بها.

بنظرةٍ أموميةٍ حنونة، قالت: يا ابنتي! أعلم أن والدكِ يستنشق فيكِ نفحات النبوة، وهذا ليس بغريب. فأنتِ أول هبةٍ من الله بعد بعثته، وقد غرس فيكِ عبير النبوة ومعناها، وأنتِ ذكرى من ذكريات الوحي الأولى.

نظر إلى فاطمة وأعجب بنموها، ثم حمد الله وتابع:

والله ما جلستُ بجانبكِ قط إلا وشعرتُ بروحانية وجمال إشراقتكِ المشرقة، ولذلك يغمرني سلامٌ يبعث في نفسي طمأنينةً عذبةً. قالت فاطمة: أنا سعيدةٌ لأنكِ تحبينني هكذا. لقد غمرني شعورٌ مشابهٌ لشعورك. عندما قبّلني أبي هذا الصباح، شعرتُ أنه قد قبّلني بمعنىً جديد، وأعطاني شعورًا غامضًا، وفي قبلته، إلى جانب عاطفته المعتادة، شعرتُ أنه قلقٌ على فراقِي وفراقي. عندما مررتُ به، وجدتُ هذا الشعور في بهجه المُشرق المعتاد.

في خضمّ هذا الحديث، دخل النبي، وسارت فاطمة نحوه بهدوء، ونهضت أسماء خلفه واستأذنت بالانصراف.

انتشر الخبر، كرائحةٍ نفاذةٍ تنتشر مع النسيم، فملأ المدينة المنورة بأكملها. مرّت أسماء في كل ركنٍ وقريةٍ تابعةٍ للأنصار، ورأيتُ النساء يقلن لبعضهنّ البعض بفرحٍ واضح: هل تعلمون؟ لقد خطب عليّ فاطمة!

نعم، لقد وجد النبيّ سبب سعادته، فقد جاء الإمام مع ابنته ليخطب عليّ.

تزداد سعادته ويقول في نفسه: يا له من خير! لم يكن لهذه السيدة العظيمة والمختارة زوجٌ إلا هذا السيد والسيّد. نشأت هذه الفتاة في حضن الوحي والرسالة، ونشأ ذلك الشاب في حضن الوحي وبطل الرسالة.

وفي طريق عودته ذات مساء، سمع رجلاً في أحد أزقة المدينة يقول لرجل آخر: لم يزوج النبي علياً، ولكنه في الحقيقة قدّر البطولة المنتصرة الخالدة في شخصية البطل الخالد المنتصر، والتقدير والشرف اللائق بالبطولة.

لقد قدر النبي البطولة بأغلى المكافآت وأقربها إلى قلبه، لأن فاطمة هي قلب النبي، الذي وُضع في إنسان هو ملاك أو ملاك في صورة إنسان.

فلم يكن زواجه من أجل بطولته، وخاصة في وقت كانت فيه الأذهان كلها منصبة على بطولة علي في غزوة بدر، مع أنها في مثل هذه الأيام التي يجلّ فيها الجميع ويتحدثون عن بطل المعركة، إنها فرصة ثمينة.

لكنه علي، نشأ في حضن النبوة ومدرسة الوحي. عليٌّ من عائلةٍ كريمة، وأبٌ مناضلٌ وداعمٌ للنبي.

لا يُتزوجنّ أحدٌ بفاطمة إلا هذا الرجل الذي هو روح النبي!

في صباح اليوم التالي، ذهبت أسماء إلى حجرة رسول الله (ص) وعرفت أن فاطمة تنتظر منه جوابًا على طلب أبيه، فلم يكن هناك من هو أفضل من أسماء ليجيب على سؤال أبيه نيابةً عنه! ذهب لمقابلتها وسألها عن علي. سألته أسماء: "ألم تُحبيه وتُعجبي بعمله؟" اليوم، لا يوجد من لا يُحبه ولا يُعجب بعمله ولا يُشيد به. قالت فاطمة: "أنا أحبه وأُعجب به كأبي". قال بنبرةٍ رسمية: "ستُحبينه بقلبك وبحب أبنائك أيضًا". أدرك أن في تقلبات روحه نارًا مُشتعلة تحت رماد الحب. أصبح كيانه كله شرارة حب لعلي، وعلي، قلبه كله، كان حب فاطمة!

ولعلمها أن عليًا عاجز ماديًا، فكرت فاطمة في قيم وجماليات أخرى ردًا على أبيها. فكرت وقالت في نفسها: هناك وقت يحبك فيه القلب حين تكون رغباته في غاية العلى، وهناك وقت يحبك فيه القلب حين يصبح صافيًا سماويًا. بالنسبة لي، مصدر الحب ومصدر انبثاقه مهمان.

لم أدع أحدًا يدخل قلبي، وكنت أنتظر من يُريده الله لي، حتى وضع والدي يدي بين يديه بأمر الله ومحبتي لعلي، وقرر مصيري!

كان هذا الزواج قائمًا على فكر وقيمة مفادها أن المرأة إذا لم تُضئ فضاء الرجل الوجودي، فإنها لا تُضيف شيئًا إلى كونه جسدًا، وأن الرجل إذا لم يُضئ فضاء المرأة الوجودي، فإنه لا يُضيف شيئًا إلى كونه جسدًا فحسب.

والزواج بالمعنى الروحي فضيلة فضيلة، ونور يُكمل نورًا. ولذلك قيل: إن معنى اختيار النبي لعلي هو جمع البشرية في وجود الاثنين. وفاطمة نورٌ بينهما، وانعكاسٌ للنور، وموجات أشعة النور تتلألأ باستمرار فوق سماء كيانها المُشرقة. في همس قلبه، بلغ به الأمر أن حقيقة الخلق في عالم خلق الله قد تجلّت في صورتين: صورة نبي كامل، وصورة إنسان كامل؛ وأودّ أن يكون هذا الإنسان الكامل نصيبي. هذه الرابطة الطاهرة وهذا المصير السماوي، الذي كان دليلاً على كمال صفاء المحبة الصافية، كانا أعظم من الزمان، ولذلك فإن يوم زواج علي وفاطمة أعظم من الزمان وأبقى من التاريخ!

أراد الله وأراد أن تسري النبوة في الحياة، ولذلك فإن يوم زواج علي وفاطمة هو يوم بقاء حياة النبوة على مر العصور! لقد وُهبت في كيان علي مواهب وفضائل لا حدود لها، ووُهبت في كيان فاطمة أنوار وإشراقات لا حدود لها!

فيوم زواج علي وفاطمة هو يوم النبوة التي تنظر إلى نفسها في المرآة وترى استمرار تلك الشجرة الصالحة!

 

ارسال تعليق