Ashooranews.ir
سور الصین العظیم فی مواجهة العقوبات الغربیة على إیران

وقد لفتت زيارة الرئيس الأخيرة إلى الصين انتباه الخبراء مرة أخرى إلى الدور الاستراتيجي للمعاهدة التي مضى عليها 25 عاما بين طهران وبكين؛ وهي اتفاقية شاملة تعتبر دعامة قوية في خضم حرب اقتصادية مع الغرب.

startNewsMessage1

وفقًا لوكالة أنباء عاشوراء، نقلاً عن وكالة مهر للأنباء، فإن الزيارة الأخيرة لمسعود بيزكيان وفريقه الاقتصادي المرافق إلى الصين قد دفعت آراء الخبراء مجددًا إلى استنتاج أن إيران، في مرحلة انتقالية من الأزمات الاقتصادية، بل وحتى السياسية الحالية، يجب أن تعزز علاقاتها القائمة مع الصين، وفقًا للمعاهدة المبرمة بينهما منذ 25 عامًا. وقد أكد الخبراء الاقتصاديون مرارًا وتكرارًا على هذه الضرورة، ومع ذلك، فقد أكد مسؤولو وزارة الاقتصاد في فترات مختلفة على ضرورة تعزيز هذه العلاقات بطريقة أو بأخرى، واقترحوا حلولًا لتحقيقها.

ونظرًا لأن الاتفاقية الإيرانية الصينية تغطي جوانب مختلفة من النفط والغاز، والنقل، والصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا، والخدمات المصرفية، فمن المؤكد أن وزارة الاقتصاد قادرة على إنشاء مقر لتنسيق تنفيذ هذه الاتفاقية بين إيران والصين لتنفيذ هذه الجوانب، وينبغي أن تكون مهمة هذا المقر مواءمة برامج وعقود الوزارات المعنية، بما في ذلك النفط، والصناعة، والتعدين والتجارة، والطرق، والتنمية الحضرية، والبنك المركزي، مع أطر هذه الاتفاقية.

نظراً لأهمية وضرورة تشكيل هذا المقر، من الضروري للغاية عقد اجتماعاته شهرياً مع تقديم تقارير دورية عن تقدم كل قطاع، وتتولى كل وزارة مسؤولية تقديم جدول أعمالها وميزانيتها المتوقعة واحتياجاتها من النقد الأجنبي إلى وزارة الاقتصاد لتلبية هذه الاحتياجات من خلال آليات التمويل بالتعاون مع الجانب الصيني.

تُعتبر الصين اليوم قوة اقتصادية عظمى في العالم؛ وهي قضية تُدركها حتى الولايات المتحدة والدول الغربية، بل إن الرئيس الأمريكي نفسه أعرب مراراً وتكراراً عن قلقه إزاء القوة الاقتصادية للصين وتأثيرها على الساحة العالمية.

ووفقاً للعديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين، تُغطي الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي جزءاً كبيراً من سكان العالم، وإذا ما تضافرت جهودها في مجال واحد، وخاصةً الاقتصاد، يُمكنها أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في التوازن الاقتصادي العالمي. من هذا المنظور، تُولي إيران أهمية خاصة للعلاقات الوثيقة مع الصين في المقام الأول، والعضوية الفعالة في منظمة شنغهاي في المقام الثاني؛ لا سيما في ظل الظروف التي تواجه فيها الجمهورية الإسلامية حالياً حرباً اقتصادية شاملة من الولايات المتحدة والغرب. يمكن أن تُشكّل هذه القضية دعمًا قويًا للبلاد.

يصف المحللون الاقتصاديون الزيارة إلى الصين بأنها ذات دورٍ مهم في التبادلات الاقتصادية وتخفيف العقوبات، بالنظر إلى مسألة تفعيل آلية الزناد. يبدو أن آلية الزناد ذات جانب نفسي أكثر منها عملي، وأن جانبها النفسي أبرز من جانبها التنفيذي. وكما في الماضي، لم تُرفع العقوبات الشديدة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة تمامًا، فبدون تفعيل آلية الزناد، خضعت إيران لأشد العقوبات. المهم هو أن للعلاقات الاقتصادية بين إيران والصين تأثيرًا كبيرًا على التبادلات الاقتصادية ومواجهة العقوبات الغربية.

في الواقع، يمكن أن يُشكّل حضور الرئيس ووزير الاقتصاد في اليوم الوطني الصيني وقمة شنغهاي، في ظل وجود العديد من الدول والاقتصادات الكبرى في العالم، دعمًا قويًا للجمهورية الإسلامية في مواجهة ضغوط العقوبات والتهديدات الغربية.

في عام ٢٠٢٠، وافقت الحكومة الإيرانية على معاهدة إيران والصين، التي تمتد لـ ٢٥ عامًا، وهي وثيقة شاملة للتعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والطاقة والأمنية والثقافية. وتُعدّ هذه الوثيقة ثمرة أكثر من عامين من المفاوضات والتنسيق بين البلدين، وتهدف إلى بناء علاقات طويلة الأمد ومستدامة في جميع المجالات. وفي القطاع الاقتصادي، ينصبّ التركيز الرئيسي على زيادة حجم التجارة، وتطوير البنية التحتية، والمشاركة في مشاريع واسعة النطاق.

 

جدار الصين في مواجهة العقوبات الغربية على إيران

 

بصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر شريك تجاري لإيران، استحوذت الصين على حصة كبيرة من التجارة والتبادلات الرأسمالية لإيران خلال العقد الماضي، ومع التنفيذ الكامل للمعاهدة، من المتوقع أن يتضاعف حجم الاستثمار الصيني المباشر في إيران عدة مرات خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

إن تنفيذ وزارة الاقتصاد لمعاهدة إيران والصين، التي تمتد لـ ٢٥ عامًا، ليس مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل هو أيضًا استراتيجية وطنية من شأنها تعزيز مكانة إيران في سلسلة التوريد العالمية. يعتمد نجاح هذا البرنامج على قدرة الحكومة على إدارة الموارد، والتنسيق المؤسسي، والاستغلال الأمثل للفرص الدولية. وإذا استوفيت متطلبات التنفيذ على النحو الأمثل، يمكن أن تُصبح هذه المعاهدة نقطة تحول في تاريخ التعاون الاقتصادي بين إيران ودول شرق آسيا.

ويعتقد البعض أيضًا أن المعاهدة التي تمتد لـ 25 عامًا يمكن أن تُحقق إنجازات مستدامة، بالتزامن مع تطوير العلاقات الخارجية، مع مراعاة أسسها الداخلية، مثل الشفافية في عملية الاستثمار، ومكافحة الفساد الاقتصادي بجدية، وتحسين النظام الضريبي، وتوفير الأمن المستدام للمستثمرين، وتعزيزها لمنع توجيه رأس المال الأجنبي نحو مشاريع غير فعالة أو محفوفة بالمخاطر.

من ناحية أخرى، تُظهر تجارب الدول الأخرى أن الصين تسعى عادةً إلى تحقيق منافع طويلة الأجل وتأمين مواردها في التعاون الاستراتيجي. لذلك، يجب على إيران الحرص على ألا يكون التعاون أحادي الجانب لصالح الجانب الصيني، ومن الضروري أن تواصل إيران بجدية عملية نقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة من خلال الاستفادة من قدرات الجامعات ومراكز الأبحاث حتى لا تصبح مجرد مستورد للمعدات والخدمات الصينية.

بفضل موقعها الجيوسياسي المتميز، يُمكن لإيران أن تُصبح حلقة وصل رئيسية في مبادرة الحزام والطريق الصينية. تهدف هذه المبادرة إلى ربط شرق آسيا بأوروبا وأفريقيا، ومن شأنها أن تُدرّ عشرات المليارات من الدولارات من عائدات النقل وتطوير البنية التحتية للبلاد إذا مرّت عبر الأراضي الإيرانية. ويتطلب تحقيق هذا الهدف استثمارات واسعة النطاق في شبكة السكك الحديدية والموانئ وممرات النقل الدولية.

تُمثّل معاهدة إيران مع الصين، التي مضى عليها 25 عامًا، فرصةً استراتيجيةً لإعادة تعريف مكانة إيران في النظام الاقتصادي العالمي. وتتطلب الإدارة السليمة لهذه الفرصة عزمًا وطنيًا وتماسكًا مؤسسيًا ورؤيةً بعيدة المدى لمصالح البلاد. وإذا توفّرت هذه الشروط، يُمكن لإيران أن تفتح مسارًا جديدًا للتنمية المستدامة وحضورًا أكثر فاعلية على الساحة الدولية في ظلّ الضغوط الاقتصادية الحالية.

 

ارسال تعليق