Ashooranews.ir
إیران ومعاهدة منع الانتشار النووی على وشک المراجعة: التعاون أم تمریر المعاهدة؟

وفي ظل الوضع الذي تم فيه تجاهل الأسس الرئيسية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وخاصة التزام القوى الكبرى بنزع السلاح والحق في الاستخدام السلمي للأسلحة النووية، وتم تقييدها بتفسيرات سياسية، فمن الطبيعي أن تشعر بعض البلدان بالشكوك حول عضويتها.

startNewsMessage1

وفقًا لوكالة عاشوراء نيوز، نقلًا عن وكالة مهر للأنباء، فإن الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية في يونيو/حزيران من هذا العام دقّ ناقوس الخطر مجددًا من تجاوز الضغوط للحدود الدبلوماسية؛ وهو عمل لم يستهدف الأمن النووي الإيراني فحسب، بل أظهر أيضًا عجز المؤسسات الدولية عن القيام بدور رادع والحفاظ على السلام والاستقرار.

تسعى الدول الأوروبية إلى إعادة إحالة قضية إيران إلى مجلس الأمن باللجوء إلى آلية تُعرف باسم "آلية الزناد". وقد واجه هذا الإجراء انتقادات قانونية واسعة النطاق، لأنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، لم يعد لدى أي من الأطراف المتبقية الشرعية اللازمة لتفعيل هذه الآلية.

من وجهة نظر المحللين، يُنظر إلى مساعي أوروبا لإعادة فرض العقوبات تحت مسمى "آلية الزناد" على أنها مثال على الاستغلال السياسي للهياكل الدولية للضغط على إيران. هذا في حين واصلت إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام الضمانات ومعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، بل وخارج نطاق التزاماتها.

في ظل هذه الظروف، يُناقش مجلس الشورى الإسلامي مشروع قانون يُنظر فيه في الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) كخيار استراتيجي.

مع اقتراب اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عادت المناقشات حول التزام إيران بنظام حظر الانتشار النووي (NPT) ودور الوكالة في هذا الإطار إلى الواجهة. وبينما دأبت إيران على التأكيد على الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وأظهرت شفافية وتعاونًا ملحوظين مع الوكالة، أثارت التطورات الأخيرة تساؤلات جوهرية حول فعالية المؤسسات الدولية المرتبطة بهذا النظام وحيادها، بل وشرعيتها.

وفي هذا الصدد، صرّح رئيس مجلس الشورى الإسلامي، محمد باقر قاليباف، بأنه من الواضح أن الدول الأوروبية الثلاث لا تملك الحق في تفعيل آلية الفقرة 37 من الاتفاق النووي، نظرًا لتقصيرها في الوفاء بالتزاماتها بموجبه، وبالتالي، فقد بادرت بشكل غير قانوني إلى عملية إعادة القرارات. بناءً على ذلك، من الضروري أن تتخذ إيران إجراءً رادعًا لجعل هذا الإجراء غير القانوني للأطراف الأوروبية مكلفًا، بما يؤدي إلى تغيير قرار العدو بتفعيل آلية الزناد؛ وسيتم الإعلان عن القرار الموحد لنظام الجمهورية الإسلامية في هذا الصدد وتنفيذه قريبًا.

 

موقف ثلاثي غير متوازن؛ معاهدة منع الانتشار النووي في ظل تراخي القوى

 

تستند معاهدة منع الانتشار النووي إلى ثلاثة مبادئ، وهي حظر انتشار الأسلحة النووية، ونزع السلاح النووي، والحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية؛ إلا أن مراجعة أداء هذه المعاهدة في العقود الأخيرة تُظهر أن التوازن في تطبيق هذه المبادئ الثلاثة قد تضرر بشدة.

 

لم تفِ الدول الحائزة للأسلحة النووية بالتزاماتها بنزع السلاح فحسب، بل واصلت تعزيز ترساناتها. كما أن التعاون في نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية السلمية إلى الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، وهو أحد الحقوق غير القابلة للتصرف للأعضاء بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، قد تم تقييده أو تجاهله عمليًا في كثير من الحالات من قبل القوى الغربية لأسباب سياسية.

 

الوكالة: مراقب محايد أم فاعل سياسي؟

من منظور القانون الدولي، تلتزم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعمل وفقًا للمعايير الفنية والقانونية فقط في فحص ومراقبة البرامج النووية للدول. ومع ذلك، فقد اتهمت العديد من التقارير والتوجهات المزدوجة تجاه بعض الدول هذه المؤسسة بالتسييس والخروج عن الإطار المهني. في حالة إيران، حتى عندما تعاونت طهران طواعيةً مع الوكالة بما يتجاوز التزاماتها، شهدنا مرارًا إحالة الأمر إلى مجلس المحافظين واتخاذ مواقف متحيزة ضدها.

كما أن صمت الوكالة إزاء أعمال التخريب والهجمات العسكرية على المنشآت النووية الإيرانية كان موضع تساؤل، مما عزز الاعتقاد بأن هيئة المراقبة أصبحت في بعض الأحيان أداة ضغط سياسي.

الحق في الانسحاب: أداة قانونية، وليس تهديدًا

وفقًا للمادة 10 من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، يجوز لأي عضو الانسحاب من المعاهدة بتقديم إشعار رسمي إذا تعرضت مصالحه الحيوية للتهديد. هذه المادة ليست مجرد حق للدول، بل هي أيضًا اعتراف بالتعقيدات الجيوسياسية واحتمالية نشوء أزمات في العلاقات الدولية. من هذا المنظور، لا يُعدّ انسحاب دولة ما المحتمل من المعاهدة انتهاكًا للقواعد الدولية بالضرورة، بل إجراءً قانونيًا ردًا على الأداء غير العادل للهياكل القائمة.

وبطبيعة الحال، لو مارست إيران هذا الحق القانوني، فلن يكون هذا القرار بمثابة مواجهة للنظام الدولي، بل رد فعل على تقاعسها.

ما وراء النووي: نطاق المطالب الغربية

من المهم الإشارة إلى أن الخلافات بين إيران وبعض الحكومات الغربية لا تقتصر على القضية النووية. فبالإضافة إلى قضية التخصيب، طُلب من طهران وقف برنامجها الصاروخي، وقطع علاقاتها مع جماعات المقاومة الإقليمية، وفي بعض الحالات، قد تطلب مراجعة هياكل الحكم مستقبلًا!

هذا المستوى من المطالب، من وجهة نظر المراقبين، غير مبرر في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي ولا في منطق التفاعل المتساوي بين الحكومات؛ بل يُعتبر محاولة واضحة لفرض تغييرات جوهرية في هيكل السلطة وصنع السياسات في دولة مستقلة. ضرورة إعادة تعريف التفاعل مع معاهدة حظر الانتشار النووي

في ظل تجاهل تام لأحد الركائز الأساسية للمعاهدة، ألا وهو التزام القوى العظمى بنزع السلاح، وتقييد الركيزة الأخرى، ألا وهي الحق في الاستخدام السلمي، بتفسيرات سياسية، من الطبيعي أن تتردد بعض الدول في مواصلة عضويتها في هذا الإطار.

على مدار السنوات الماضية، حاولت إيران اتباع نهج المشاركة والشفافية والتعاون، لكن النتيجة كانت زيادة الضغط وتشديد العقوبات، بل وحتى اللجوء إلى العمل العسكري من قبل بعض الجهات.

وفي مثل هذه الظروف، فإن وضع خطة مدروسة وقانونية تتضمن خيارات مثل مراجعة مستوى التفاعل مع الوكالة أو حتى الانسحاب من معاهدة منع الانتشار النووي لا يعتبر تهديداً، بل جزءاً من التوازن السلوكي في مواجهة تقاعس النظام الدولي.

 

ارسال تعليق