مع انتهاء سريان القرار 2231 وبداية فصل جديد في النزاع النووي القانوني، عادت روسيا والصين للدفاع عن إيران. وباستخدام القدرات المؤسسية لمجلس الأمن، والحجج القانونية، والتنسيق الدبلوماسي مع طهران، تعتبر هاتان القوتان الآسيويتان الجهود الغربية لتفعيل آلية "سناب باك" غير شرعية، وتدعمان رواية طهران الواردة في نهاية القرار 2231.
وفقًا لمراسل وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) للشؤون الخارجية، مع انتهاء العمل رسميًا بقرار مجلس الأمن رقم 2231 في 18 أكتوبر/تشرين الأول وانهيار الآليات القانونية للاتفاق النووي، فإنّ الفاعلين الرئيسيين في النظام الشرقي، روسيا والصين، اللتين حاولتا في الأشهر الأخيرة منع تفعيل ما يسمى بآلية "العودة السريعة" والعودة التلقائية لقرارات عقوبات مجلس الأمن الستة ضد إيران، باستخدام الوسائل الدبلوماسية والقانونية والسياسية، تلعبان الآن دورًا نشطًا في مرحلة جديدة من هذا الصراع القانوني والجيوسياسي.
في حين حاول الغرب إحياء آلية عودة العقوبات مع انتهاء صلاحية القرار 2231، أكدت موسكو وبكين بوضوح أن مثل هذه الخطوة لا أساس قانوني لها ولا شرعية من منظور ميثاق الأمم المتحدة. بتأكيدها على أن جميع أحكام القرار 2231 ستنتهي في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وفقًا للفقرة الثامنة من منطوقه، تصدّت هاتان القوتان الشرقيتان بفعالية لجهود الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية لفرض تفسير جديد لهذا القرار.
في السابق، كانت روسيا، بتأكيدها على عدم شرعية أي محاولة غربية لإحياء القرارات الملغاة، والصين، بدفاعها عن حق إيران المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، في طليعة مواجهة النهج الأحادي للغرب. وقد أظهرت مواقف روسيا والصين في الأشهر القليلة الماضية بوضوح أن الخلاف حول "إعادة فرض العقوبات" بالنسبة لموسكو وبكين ليس مجرد خلاف على بند قانوني، بل هو اختبار لقياس فعالية مجلس الأمن وتوازن القوى في النظام الدولي؛ نظام يُعيد فيه الشرق تعريف دوره تجاه الغرب.
في هذا السياق، أصبح مجلس الأمن مسرحًا مفتوحًا لهذه المواجهة في الأسابيع الأخيرة. في اجتماع 25 أكتوبر/تشرين الأول، قدمت الصين وروسيا مشروع قرار لتمديد أحكام القرار 2231؛ وهو اقتراح، وإن كان من غير المرجح إقراره في البداية، إلا أنه أتاح لموسكو وبكين فرصة للتعبير عن مواقفهما بصراحة وبنبرة قاسية غير مسبوقة ضد الغرب.
وقال دميتري بوليانسكي، نائب المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، في الاجتماع: "مارست الترويكا الأوروبية ضغوطًا على إيران بناءً على أكاذيب، بينما وعدت إيران بالتصرف بمسؤولية وتوصلت إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأضاف مخاطبًا المندوب الفرنسي: "لا استقلال لكم؛ شقيقتكم الكبرى، أمريكا، تقرر نيابةً عنكم. لقد نسيتم القانون الدولي وتلاعبتم بشرعية مجلس الأمن".
نهاية القرار 2231 وإعادة تعريف دور الأطراف الرئيسية في النظام الشرقي / لماذا دعمت موسكو وبكين طهران؟
في الوقت نفسه، أكد غينغ شوانغ، نائب المندوب الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، أن إيران أبدت مؤشرات إيجابية على المشاركة والتفاوض، وقال: "لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية، ويجب عدم التضحية بهذه الفرصة لحسابات سياسية". وجاءت مواقف بكين في هذا الاجتماع متوافقة مع سياسة الصين الراسخة في دعم الحل السياسي للنزاع النووي الإيراني ومعارضة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران خارج الاتحاد السوفيتي.
قبل بضعة أسابيع، في اجتماع مجلس الأمن في 18 سبتمبر/أيلول، عندما صوّتت الترويكا الأوروبية، بدعم من الولايات المتحدة، على مواصلة رفع العقوبات وإعادة العمل فعليًا بستة قرارات عقوبات سابقة ضد إيران، جدد ممثلو روسيا والصين دعمهم لطهران، مستشهدين بالحجج القانونية لإيران، معلنين أن الإجراء الأوروبي يفتقر إلى الشرعية القانونية. صرح الممثل الروسي بصراحة: "لا شرعية لإعادة فرض العقوبات على إيران. إن إجراء أوروبا انتهاك واضح للقرار 2231 وتجاهل للآليات القانونية لمجلس الأمن".
تماشيًا مع هذه المواقف، نشر وزير الخارجية الإيراني، السيد عباس عراقجي، أمس أجزاءً من رسالة مشتركة من إيران والصين وروسيا إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن على منصة التواصل الاجتماعي X، كاشفًا عن الموقف المشترك للدول الثلاث في الدفاع عن الشرعية القانونية للقرار 2231. وأكدت الرسالة أن "جهود الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل ما يُسمى بآلية "سناب باك" خاطئة جوهريًا من الناحية القانونية والإجرائية"، ووفقًا للفقرة التنفيذية الثامنة من القرار، "ستنتهي جميع أحكامه بعد 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025".
بناءً على ذلك، يُمكن تصنيف وتقييم تصرفات روسيا والصين في الأشهر الأخيرة في إطار الدفاع المؤسسي ضمن إطار الأمم المتحدة، والمنطق القانوني والإجرائي، والتنسيق الدبلوماسي مع طهران، والإشارات الرمزية في إطار الانقسام بين الشرق والغرب. حيث استخدمت هاتان الدولتان في البداية قدراتهما المؤسسية في مجلس الأمن، بينما قبلتا، على المستوى القانوني، تفسير إيران للقرار 2231 وأسستا حججهما عليه.
وأوضحتا في مذكرات رسمية وبيانات منفصلة أنه لا يحق لأي دولة أن يكون لها تفسيرها الخاص لقرار مجلس الأمن الدولي، وأكدا أن "أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة" وحدها هي القادرة على تفعيل الآليات الواردة فيه؛ في حين انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق، وفقدت ثلاث دول أوروبية أيضًا السلطة اللازمة لانتهاكها التزاماتها.ر
على الصعيد الدبلوماسي، حافظت موسكو وبكين على تنسيق وثيق مع طهران. في 17 أكتوبر/تشرين الأول، أي قبل يوم واحد من انتهاء صلاحية القرار رسميًا، وجّهت الدول الثلاث، إيران وروسيا والصين، رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، تفيد بأن "جميع أحكام القرار 2231 ستنتهي في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025". في الوقت نفسه، دافعت القوتان عن مواقف إيران في تعاملاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفتين تعاون طهران مع الوكالة بأنه علامة على المسؤولية، في خطوة تحدت الرواية الغربية حول "انتهاك الالتزامات".
بالإضافة إلى ذلك، وجّهت الدولتان رسالة واضحة مفادها أن إيران لن تُعزل حتى في حال عودة العقوبات، مؤكدتين على استمرار التعاون الاستراتيجي، بما في ذلك الاتفاقيات الشاملة والاستراتيجية، وشراكة روسيا الأمنية والتكنولوجية مع طهران.
ومع ذلك، يبدو أن دعم موسكو وبكين لطهران، في هذه المرحلة، ليس مجرد خطوة تكتيكية، بل هو انعكاس لمنافسة جيوسياسية أوسع نطاقًا، حيث تحالف الشرق مع الغرب. بالنسبة لكلا البلدين، تُعدّ القضية الإيرانية منبرًا للدفاع عن مبادئ كالسيادة الوطنية، وعدم التدخل، والتعددية.
واعتبرا محاولة الغرب إعادة فرض العقوبات مثالًا على انتهاك القانون الدولي، ومؤشرًا على تراجع الهيمنة الغربية. وبهذا النهج، أصبح الدفاع عن إيران رمزًا للدفاع عن النظام الدولي ما بعد الغربي؛ نظام لا تنبع شرعيته من القوة، بل من توافق الأطراف الدولية وتساويها.
نهاية القرار 2231 وإعادة تعريف دور أصحاب القرار الرئيسيين في النظام الشرقي / لماذا وقفت موسكو وبكين إلى جانب طهران؟
كان تحالف موسكو وبكين مع طهران بشأن القرار 2231 في الواقع اختبارًا للدبلوماسية متعددة الأقطاب؛ اختبارًا تجلى فيه التوازن بين القوة القانونية والقوة السياسية. باستخدام لغة القانون الدولي والأدوات المؤسسية، استطاعت روسيا والصين صياغة معادلة في مجلس الأمن لم تعد فيها معارضة الغرب تعني العزلة، بل تشكيل كتلة ترى نفسها حامية لنظام عالمي جديد.
في هذا السياق، فُسِّر الدفاع عن إيران على أنه دفاع عن مبدأي "نهائية القرارات" و"السيادة المتساوية للدول"، وهما مبدأان يُختبران اليوم أكثر من أي وقت مضى في سياق الصراع بين الشرق والغرب.
ارسال تعليق