کیف وجهت دول العالم السیولة إلى الإنتاج؟

إن توجيه الائتمان يعني ربط محرك خلق النقود في النظام المصرفي بسلسلة الإنتاج والقطاع الحقيقي للاقتصاد. وفي هذا الصدد، يمكن للبنوك والحكومات توجيه الاعتمادات نحو أهداف محددة.

startNewsMessage1

وبحسب عاشوراء نيوز، نقلا عن مراسل مهر، فإن توجيه الائتمان يعني ربط محرك خلق النقود في النظام المصرفي بسلسلة الإنتاج والقطاع الحقيقي للاقتصاد. وفي هذا الصدد، يمكن للبنوك والحكومات توجيه الاعتمادات نحو أهداف محددة. ويمكن تنفيذ هذه السياسة بهدف التنمية الاقتصادية، بحيث تكون قطاعات الاقتصاد مستهدفة حسب اختيار صانع السياسات، ومن خلال توجيه التسهيلات لهذه القطاعات أو الصناعات أو رواد الأعمال، يتسارع النمو في هذه القطاعات. في الأنظمة الاقتصادية، يمكن اعتبار توجيه الائتمان من قبل البنوك إلى المناطق ذات القيمة المضافة الأعلى (بهدف تعظيم حقوق الملكية) بمثابة توجيه ائتماني. ولهذا الغرض، يعد الاهتمام بالقطاعات الدافعة، والصناعات الموجهة للتصدير، والصناعات الثقيلة، والمؤسسات الإنتاجية سريعة العائد، والصناعات الوليدة، وما إلى ذلك، من بين القطاعات المستهدفة في تنفيذ سياسة إدارة الائتمان. وتبين تجربة البلدان الناجحة أن إدارة الائتمان لها مزايا. ومن مزايا هذه السياسة السيطرة على التضخم والتوازن الاقتصادي، وتخصيص الموارد للقطاعات الحيوية، وتحقيق الأهداف الوطنية والاستراتيجية، وتنظيم السيولة، وما إلى ذلك. ولهذا الغرض، في هذا التقرير، سندرس تجربة الدول التي تطبق هذه السياسة وضرورة الإدارة الصحيحة للسيولة في الاقتصاد الإيراني.

إحصائيات سيولة الاقتصاد الإيراني

إحدى خصائص العقود الأخيرة للاقتصاد الإيراني هي تكثيف نمو المجاميع النقدية، بحيث زادت السيولة خلال الستينيات بمقدار 5.5 مرات، وفي السبعينيات والثمانينيات زادت أكثر من 11 مرة، وأخيرا في التسعينيات زادت أكثر من 13 مرة. أدى تكثيف نمو السيولة والتضخم التراكمي غير المسبوق في التسعينيات، في حين أن النمو الاقتصادي الصافي الصفري خلال العقد الماضي، إلى زيادة الحساسية حول السيولة وإنشاء الأموال. وبحسب أحدث تقرير للبنك المركزي الإيراني، فإن إجمالي حجم السيولة في الاقتصاد الإيراني وصل إلى 9,723,000 مليار تومان في نهاية يناير/كانون الثاني، مما يدل على نمو بنسبة 23.4%، أي ما يعادل 1,845,000 مليار تومان من السيولة في الأشهر العشرة من هذا العام. بمعنى آخر، كان رقم نمو السيولة في 10 أشهر من هذا العام مساويا تقريبا لإجمالي سيولة البلاد حتى نهاية عام 2017. وإلى جانب ذلك، تظهر إحصائيات السيولة في إيران أن زيادة السيولة في إيران لوحظت بشكل ملحوظ من عام 1395 إلى 1402. وتظهر هذه الزيادة التي بلغت من 12.534 ألف مليار ريال عام 1395 إلى 78.75 ألف مليار ريال عام 1402 لعدة عوامل اقتصادية وسياسية كان لها تأثيرها في هذه الفترة. وكان أحد الأسباب الرئيسية لزيادة السيولة هو السياسات النقدية التوسعية للبنك المركزي. وفي أعقاب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية وانخفاض عائدات النفط، قام البنك المركزي بزيادة المعروض النقدي لدعم السوق ومنع حدوث انخفاض حاد في قيمة العملة الوطنية. وقد أدت هذه السياسات إلى زيادة السيولة في الاقتصاد بشكل مباشر. وتظهر إحصائيات السيولة الإيرانية أن العوامل الخارجية لعبت أيضاً دوراً مهماً في زيادة السيولة. وكان لتقلبات أسعار النفط والتغيرات في أسعار الصرف والعقوبات الدولية تأثير مباشر على التدفقات المالية والسيولة في البلاد. ولذلك، أدى انخفاض عائدات النقد الأجنبي والجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في مواجهة الضغوط الخارجية إلى زيادة الحاجة إلى إدارة دقيقة للسيولة. وفي الاستجابة لهذه التحديات، يتعين على صناع السياسات الاقتصادية إيجاد التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على السيولة، وهو ما يضاعف الحاجة إلى توجيه السيولة على النحو الصحيح.

تجربة الدول الناجحة في إدارة السيولة

وقد تمكنت دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين، من خلال تطبيق سياسات إدارة الائتمان بنجاح، من تحقيق تقدم كبير في التنمية الصناعية والاقتصادية. وفي اليابان ما بعد الحرب العالمية الثانية، قام البنك المركزي، بالتعاون مع البنوك التجارية، بتنفيذ سياسات موجهة بالائتمان تهدف إلى تطوير الصناعات الرئيسية. وساعدت هذه السياسات على النمو الاقتصادي السريع للبلاد من خلال تحديد حصص ائتمانية للقطاعات ذات الأولوية ومراقبة أداء البنوك عن كثب. وتمكنت كوريا الجنوبية، باستخدام أدوات مثل الإعانات الائتمانية والحوافز الضريبية، من زيادة الاستثمار في الصناعات الموجهة للتصدير وأصبحت واحدة من القوى الاقتصادية العالمية. والواقع أن البنك المركزي في كوريا الجنوبية نفذ سياسات التوجيه الائتماني في هيئة ثلاث عمليات مخططة منفصلة ومتميزة. وكانت الفترة الأولى، في منتصف القرن الماضي وفي الخمسينيات والستينيات، تهدف إلى توجيه السيولة نحو أنشطة التصدير والاستثمار في قطاع الصناعة. الفترة الثانية، في السبعينيات وحتى بداية الألفية الجديدة، استهدفت بشكل متزايد تطوير وتوسيع الصناعات والإنتاج، وخاصة الصناعات الثقيلة والمصانع والصناعات الكيماوية، وبشكل عام، دعم المنتجات والصناعات ذات الميزة التنافسية في الأسواق العالمية والقضاء التدريجي على الصناعات والإنتاج منخفض الطلب. وأخيراً، في الفترة الثالثة، من بداية الألفية الجديدة حتى اليوم، ومع تغير الاستراتيجية، وجه البنك المركزي سياسات التدفق النقدي نحو خلق توازن عام في الصناعات والقضاء على سوق الاحتكار المطلق المحلي، ومنح التسهيلات للشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع الأعمال، والاستثمار في الأنشطة العملية مثل البحث والتطوير والاستثمار في المعدات. كما تمكنت هذه السياسة في الصين، منذ عام 1998، من منع الأزمات المالية مع الحفاظ على نمو اقتصادي مرتفع من خلال تطبيق سياسات إدارة الائتمان. وقد لعب البنك المركزي الصيني دوراً مهماً في توجيه الموارد المالية إلى الأنشطة الإنتاجية من خلال تحديد سقف لنمو الائتمان للبنوك وتوفير مبادئ توجيهية واضحة لتخصيص القروض للقطاعات ذات الأولوية.

ضرورة الإدارة الصحيحة للسيولة

وتظهر التحقيقات أنه بالإضافة إلى تطبيق سياسة الانكماش النقدي في السنوات الأخيرة (سياسة ضبط الميزانية العمومية للشبكة المصرفية)، فإنه من الضروري توجيه الائتمان بشكل صحيح إلى قطاعات الاقتصاد المختلفة، وتوسيع المظلة الإشرافية للسلطة النقدية بشكل فعال من بداية عملية تخصيص الموارد حتى نهايتها لمنع الانحرافات في تخصيصها. وتشير إحصائيات البنوك إلى أن تسهيلات الدفع للبنوك خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 1403هـ بلغت 4.914 ألف مليار تومان، مرتفعة إلى 970 ألف مليار تومان (24.6%) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي الوقت نفسه، بدلاً من توليد السيولة ومنح التسهيلات من دون آلية لتوجيه الإنتاج، ينبغي للقطاع المالي والنقدي أن يتعلم اتجاهه الصحيح، وإلا فإن نطاق السمسرة والمضاربة والأنشطة غير الإنتاجية في الاقتصاد سوف يتسع. كما أنه لكي تؤدي السيولة إلى الإنتاج، على البنك المركزي أن يحسب رقماً كهدف نمو السيولة وفقاً لوثيقة منظور التنمية، ويستخدم كافة الأدوات النقدية والاقتصادية لتحقيقه، وخلق حافز للاستثمار والإنتاج في المجتمع حتى يصل نمو السيولة إلى الاستهلاك الاستثماري. بالإضافة إلى هذه الحالات، يقترح أن تقوم الحكومة، من خلال تشكيل صندوق المشاريع كآلية تنفيذية لمشاريع النفط والغاز واسعة النطاق، وكذلك صياغة اتفاقيات التعاون باستخدام أساليب الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمشاريع البناء، بتوجيه السيولة في المجتمع والصناديق الصغيرة وشبه الصغيرة للشعب نحو هذه الأنشطة.

لذلك، وبناء على ما سبق، فمن الأفضل محاولة تغيير نظام الحوافز من أجل التفاؤل بكفاءة الإنتاج والأنشطة الإنتاجية، بحيث يتم توجيه نمو السيولة (سواء من البنك المركزي أو الجهاز المصرفي) للأغراض الإنتاجية ويحقق نتيجة غير التضخم وتحفيز جانب الطلب (دون التأثير على جانب العرض). بالإضافة إلى ذلك، فإن الإخفاقات التي حدثت في تخصيص الائتمان المصرفي في الدولة غالبًا ما تكون نتيجة الانحراف عن التوصيات الاحترازية الجزئية والكلية، والتي كانت مقبولة في العديد من الأمثلة الناجحة في شكل قواعد لجنة الجناح والسياسات الاحترازية الكلية. إن تنفيذ هذه الأنواع من السياسات في شكل قوانين الجناح "1" و"2" و"3" والسياسات الاحترازية الكلية التي يتم تحديثها أيضًا بناءً على الخبرة والقضايا الجديدة، هو المسار الذي سيزيد من احتمالية نجاح النظام المصرفي المالي في البلاد.

 

ارسال تعليق