الصاروخ اليمني الذي سقط في مطار بن غوريون أمس استهدف في آن واحد قلب الصناعات العسكرية والدفاعية الصاروخية الأميركية والإسرائيلية، ما أدى إلى تحول ميزان القوى لصالح اليمن.
وبحسب موقع عاشوراء نيوز نقلا عن وكالة مهر للأنباء، قالت شبكة الجزيرة الإخبارية، في إشارة إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته القوات المسلحة اليمنية أمس على مطار بن غوريون في عمق الأراضي المحتلة والذي يعتبر أحد أكثر المجالات الجوية حماية للكيان الصهيوني، إن الإسرائيليين وصلوا إلى حافة الجنون نتيجة هذه الهجمات. إن استراتيجية الأمن الداخلي للنظام الإسرائيلي، التي ترتكز على القضاء على التهديدات في البيئة المحيطة والمبادرة والاستعداد لتنفيذ ضربات استباقية لمنع انتشار التهديد إلى الأراضي المحتلة، قد ضعفت بشدة وأثبتت أنها عرضة للخطر إلى حد كبير.
في حين أن حرب غزة شكلت كارثة بالنسبة للنظام الصهيوني وكانت أطول حرب بالنسبة لإسرائيل، فإن الهجمات اليمنية وضعت إسرائيل في حالة طوارئ وأجبرت الولايات المتحدة على التدخل بشكل مباشر للدفاع عن إسرائيل. وفي هذا الوضع كشف الهجوم اليمني الأخير عن بعض نقاط ضعف النظام، وأثبت أنه بعد نجاحه في عرقلة الوجود البحري لتل أبيب في البحر الأحمر، حقق نجاحاً آخر في عرقلة المجال الجوي للنظام.
وأشارت المقالة إلى أن الهجوم الصاروخي اليمني نفذ على النقطة الأكثر حماية وأهمية في تل أبيب، أي مطار بن غوريون، المعبر الخارجي الوحيد للنظام الصهيوني، وأكدت أن هذا الهجوم الصاروخي أدى إلى شل منطقة غوش دان، أو تل أبيب الكبرى، وأن الشوارع الرئيسية في المنطقة أصبحت مغلقة، مما تسبب في ازدحام مروري، وتوقف القطارات والمواصلات العامة، وإجبار ملايين الصهاينة على الفرار إلى الملاجئ.
وأعلن موقع "يديعوت أحرونوت" الصهيوني في هذا الصدد أن دوي انفجارات متعددة سمع في عمق الأراضي المحتلة، وشوهدت أعمدة الدخان بوضوح في محيط مطار بن غوريون. وفي وصفه للحادث، قال رئيس عمال المطار بنهاس عيدان، إن جميع الموظفين فروا إلى الملاجئ وسمعوا انفجارا ضخما وقع بالقرب من الطائرات التي كانت في المطار. لقد كانت إسرائيل محظوظة لأنه لم تكن هناك سوى طائرة واحدة في السماء.
إلغاء الرحلات الجوية
وفور سقوط الصاروخ على مطار بن غوريون، غادرت الطائرات الأجنبية المطار، كما تم إبعاد الطائرات التي كانت تخطط للهبوط في المطار، كما أوقفت شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى تل أبيب. ألغت شركات الطيران الألمانية "لوفتهانزا" والسويسرية والنمساوية وأير أوروبا والهند وكندا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا وبروكسل إيرلاينز وتيوس إيروايز جميع رحلاتها إلى الأراضي المحتلة.
وواجهت صناعة السياحة الإسرائيلية، التي تكافح لتحسين أوضاعها نتيجة الركود العميق الذي سببته حرب غزة، ضربة أخرى، وتسبب إلغاء الرحلات الدولية في العديد من المشاكل في مغادرة الإسرائيليين للأراضي المحتلة وعودة السائحين إلى بلدانهم، وهو ما يعرض بحد ذاته السياحة الداخلية والدولية الإسرائيلية للخطر.
فشل العديد من أنظمة الدفاع
السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهن الصهاينة بخصوص هذا الهجوم هو كيف استطاع مثل هذا الصاروخ الذي أحدث حفرة في الأرض بقطر 25 متراً عندما انفجر أن يخترق خطوط الدفاع الجوي العديدة للنظامين الإسرائيلي والأمريكي، الذي تفتخر به تل أبيب وتقدمه على أنه الصناعة الرائدة عالمياً في هذا المجال. ويأتي هذا في الوقت الذي تم فيه إنشاء أنظمة النظام الإسرائيلي بتمويل وتكنولوجيا أميركية، وتم نشر أنظمة مثل "هايتس 1" و"2" و"3" في الأراضي المحتلة لإسقاط الصواريخ بعيدة المدى في الغلاف الجوي العلوي.
كما أن منظومة صواريخ "دافيد فلاخان" مصممة لتدمير الصواريخ متوسطة المدى، كما أن منظومة القبة الحديدية جاهزة لاعتراض وإسقاط الصواريخ قصيرة المدى. بهذه الطريقة، نجح النظام الإسرائيلي في إنشاء نظام دفاع جوي متعدد الطبقات لحماية نفسه من مخاطر الهجمات الصاروخية.
وبطبيعة الحال، هذه ليست القصة كاملة، فعلى مدى العامين الماضيين، تم إرسال أنظمة الدفاع الجوي الأميركية مثل باتريوت وثاد أيضاً إلى الأراضي المحتلة لمساعدة الأنظمة المحلية للنظام الإسرائيلي في اعتراض الصواريخ المعادية.
وبالإضافة إلى كل هذا، نشرت الولايات المتحدة منظومة دفاع صاروخي دولية ضد إسرائيل في أساطيلها البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، كما تقوم سفن حلفاء النظام الصهيوني، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وألمانيا، المتمركزة في المنطقة، بمراقبة المجال الجوي للنظام الصهيوني باستمرار.
وتبريرا لهذا الفشل، أعلنت تل أبيب أنها ستبدأ تحقيقا في الحادث. ولم يتضح من بيان الجيش الإسرائيلي ما إذا كان الانفجار جزءا من الصاروخ أم أن الصاروخ بأكمله أصاب المطار، ولكن على أي حال فإن الجيش الإسرائيلي اضطر للاعتراف بالفشل في هذه العملية الصاروخية. وأدى الإعلان عن فشل العديد من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية إلى إثارة الرعب في الأراضي المحتلة.
فضيحة أميركا في قضية اليمن
ومن أجل تحرير النظام الصهيوني من الصواريخ اليمنية، حاولت الولايات المتحدة منع هذه الهجمات من خلال تنفيذ هجمات عنيفة على الموانئ والمطارات والأهداف العسكرية والمدنية في اليمن. ولكن نتيجة لذلك لم يتحقق أي تغيير واستمر الحصار البحري لميناء إيلات. وتكبدت الولايات المتحدة أيضًا تكاليف باهظة لعملياتها. وشملت هذه التكاليف إسقاط سبع طائرات تجسس أمريكية من طراز MQ-9 وتحطم طائرة مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر.
وكتبت صحيفة معاريف في هذا الصدد أن تقييم المؤسسات العسكرية الإسرائيلية يظهر أن سلسلة العمليات الصاروخية والطائرات المسيرة التي نفذها اليمنيون ضد إسرائيل في الأيام الأخيرة جاءت نتيجة تزايد الضغوط الناجمة عن الهجمات الأميركية على اليمنيين. ويقترح بعض العسكريين الإسرائيليين السابقين استخدام استراتيجيات بديلة، مثل اغتيال القادة اليمنيين، في حين يرى آخرون أن تنفيذ هذه الاغتيالات، كما حدث في لبنان، ليس بالأمر السهل، وعلاوة على ذلك، لا يمكن ضمان توقف هذه الهجمات.
وعلى أية حال فإن الصهاينة لا يرون منطقياً أن يقوم النظام الصهيوني بعمليات في اليمن، خاصة وأن مثل هذه العملية تتطلب مسافة 2000 كيلومتر. وتواصل الحكومة الإسرائيلية اتهام الولايات المتحدة بالإهمال في مواجهة الحصار البحري والجوي الذي يفرضه اليمنيون على النظام بشكل جدي.
ارسال تعليق