أیادی الموساد الخفیة للتسلل إلى القارة السوداء؛ التجسس تحت غطاء إنسانی

ومن خلال استغلال تركيز العالم على تطورات الحرب المدمرة في غزة، عمل النظام الصهيوني بشكل متزايد على تفعيل أداة التجسس التقليدية لديه للتسلل إلى المجتمعات الأجنبية، بما في ذلك القارة الأفريقية.

startNewsMessage1

بحسب وكالة عاشوراء نيوز، نقلاً عن وكالة شهاب للأنباء، بينما ينصبُّ اهتمام العالم على الجرائم الوحشية التي يرتكبها الصهاينة ضد قطاع غزة، يسعى النظام المحتل، في ظلِّ صمتٍ إعلاميٍّ مُطبق، إلى إعادة صياغة حضوره الاستراتيجي في القارة الأفريقية؛ حضورٌ يبدو ظاهريًا بأدواتٍ تنمويةٍ ومدنية، لكنه في الحقيقة ذو جذورٍ استخباراتيةٍ وأمنيةٍ عميقة.

 

التجسسُ بغطاءٍ إنسانيٍّ وتنمويٍّ

 

من أوغندا إلى إثيوبيا، ومن نيجيريا إلى جنوب أفريقيا، تُشير التقارير إلى توسُّع أنشطة جهاز التجسس الإسرائيلي (الموساد) والشركات التابعة له تحت ستار المشاريع الاقتصادية والإنسانية؛ حيث نُشرت معلوماتٌ كثيرةٌ عن تجنيد عناصر محليةٍ واستخدام أدوات مراقبةٍ إلكترونيةٍ متطورةٍ عبر شركاتٍ مدنيةٍ ذات توجهٍ تنمويٍّ ظاهري، لكنها في جوهرها أذرعٌ استخباراتيةٌ وتجسسية.

 

ازداد نفوذ التجسس الصهيوني في القارة الأفريقية بشكل ملحوظ بعد بدء حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو جزء من مساعي النظام لبناء هرم سياسي في المحافل الدولية واستقطاب دعم الدول الأفريقية؛ الدول التي لطالما دعمت الفلسطينيين على الصعيدين الوطني والدولي.

ووفقًا لبحث أجرته صحيفة "إسرائيل تايمز"، كثّف جهاز التجسس "الموساد" عملياته في عدة دول أفريقية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017 تحت غطاء مشاريع اقتصادية وإنسانية.

ووفقًا لدراسة جديدة نشرها مركز الزيتونة للدراسات مؤخرًا، فإن النظام الصهيوني يقيم علاقات رسمية وغير رسمية مع أكثر من 44 دولة أفريقية، ويعتمد على أدوات التنمية والشركات الخاصة لخلق نفوذ استخباراتي صامت.

تجنيد الجواسيس من خلال المؤسسات التعليمية

ومن بين هذه الشركات منظمة "ماشاو"، وكالة التعاون الدولي التابعة للنظام الصهيوني، والتي تُسوّق نفسها على أنها ذراع المساعدات الإنمائية؛ لكنها غالبًا ما تكون بوابةً للنفوذ السياسي والأمني. كما تجذب المؤسسات التعليمية التابعة للنظام الصهيوني، وعلى رأسها معهد الجليل الدولي للإدارة، مئات الشخصيات والطلاب من الدول الأفريقية من خلال برامج تتجاوز الإدارة والتدريب العسكري وإنشاء شبكات دفاع محلية.

ويُقال إن معظم الدول الأفريقية لديها مسؤول بارز واحد على الأقل تخرج من هذا المعهد الصهيوني. وتشمل الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات المذكورة التابعة للنظام الصهيوني، ظاهريًا، إنشاء مراكز تنمية، يرتبط جزء كبير منها بجمع المعلومات حول الأنشطة المناهضة للصهيونية أو تتبع الحركات الداعمة للمقاومة الفلسطينية.

ويقول محمد صالح، مدير مركز أبحاث ودراسات السياسة الأفريقية، في هذا الصدد: إن هذا التوجه الذي اتخذته المؤسسات الصهيونية وتكثيف جهود النظام للتأثير على القارة الأفريقية من خلال أدوات التجسس يعود إلى ضعف شعبية تل أبيب في الأوساط الأفريقية، وخاصة بين الشعوب. دفع هذا النظام الصهيوني إلى استغلال هشاشة بعض الحكومات الأفريقية وضعف بنيتها التحتية الأمنية للتسلل إلى هذه الدول عبر واجهات مدنية أو شركات تطوير تُعدّ أذرعًا للتجنيد والتأثير الأمني.

برنامج بيغاسوس الخبيث التابع للنظام الصهيوني في الأسواق الأفريقية

في السنوات الأخيرة، أصبح برنامج بيغاسوس التجسسي أحد أدوات النظام الصهيوني للتسلل إلى القارة الأفريقية، وبرزت الشركات الصهيونية المتخصصة في الأمن السيبراني والتجسس كلاعبين رئيسيين في الساحة الأفريقية. وقد لعبت هذه الشركات دورًا رئيسيًا في تشكيل وتوجيه سياسات المراقبة لخدمة أجندات أمنية تتجاوز الحدود الوطنية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان الإنجليزية عام 2021 حول ما كُشف عنه في مشروع بيغاسوس، استخدمت العديد من الحكومات الأفريقية برنامج التجسس هذا لتتبع معارضيها ونشطائها. عملت شركة NSO الصهيونية، المُنتجة لهذا البرنامج الخبيث، كوسيط بين الحكومات الأفريقية وأجهزة الأمن التابعة لنظام الاحتلال، وأتاحت هذه التقنية للأفارقة بموافقة وزارة الحرب التابعة للنظام.

كما ذكرت مجلة فورين بوليسي في يناير/كانون الثاني 2022 أن برنامج بيغاسوس استُخدم في رواندا وأوغندا والمغرب والعديد من دول الساحل، مما أدى إلى اختراق هواتف الصحفيين والمعارضين وحتى المسؤولين الأجانب في أفريقيا.

ووفقًا لتقرير صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات عام 2020، وقّعت تل أبيب اتفاقيات أمنية مع دول أفريقية مثل تشاد وإثيوبيا وأوغندا، تتضمن تدريبًا عسكريًا وتبادلًا للمعلومات. ومع ذلك، فإن الهدف من هذه الاتفاقيات هو استعادة تحالفات تل أبيب في أفريقيا لخدمة استراتيجية النظام الصهيوني في عزل المقاومة الفلسطينية في المنطقة وبين الدول العربية.

كما ذكر تقرير نشرته الجزيرة عام ٢٠٢٢ أن الموساد أنشأ العديد من مراكز المراقبة في الدول الأفريقية لمراقبة أنشطة حماس والجهاد الإسلامي، ولإنشاء مراكز للمعارضة الفلسطينية في هذه الدول.

 

خلف كواليس توسع تل أبيب في أنشطة التجسس في أفريقيا

 

يعتقد ناثان براون، الباحث في معهد بروكينغز، أن تل أبيب تستغل توسع نفوذها في أفريقيا لكسب الشرعية الدولية من خلال الكتلة التصويتية الأفريقية في الأمم المتحدة؛ لا سيما مع تراجع دعم الدول الأوروبية لتل أبيب في قضايا حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

 

ورغم توسع أنشطة التجسس لنظام الاحتلال في القارة الأفريقية، تشير التقارير إلى وجود سقف في هذه الدول لا تستطيع تل أبيب تجاوزه؛ ألا وهو الرأي العام الأفريقي المناهض للاستعمار والمؤيد للقضية الفلسطينية.

 

ارسال تعليق