اعتقلت الشرطة البريطانية 175 شخصا بموجب قوانين أمنية صارمة خلال مظاهرة ضخمة مؤيدة للفلسطينيين، وهي الخطوة التي أثارت جدلا جديدا بين حرية التعبير والقيود السياسية في البلاد.
وفقًا لوكالة أنباء عاشوراء، نقلًا عن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، شهدت ساحة ترافالغار اليوم (السبت 12 أكتوبر 1404 هـ) تظاهرة حاشدة للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، رافعين شعارات ولافتات تدين جرائم الكيان الصهيوني في غزة. وهتف العديد من المتظاهرين بشعارات مناهضة للإبادة الجماعية، مؤكدين دعمهم لحركة "العمل من أجل فلسطين"، وهي حركة أدرجتها الحكومة البريطانية مؤخرًا على قائمة المنظمات المحظورة.
وأعلنت شرطة لندن في بيان لها اعتقال 175 شخصًا خلال المظاهرة بتهمة "دعم منظمة محظورة". كما حوكم ستة أشخاص لتعليقهم لافتة على جسر وستمنستر تعلن دعمهم لحركة "العمل من أجل فلسطين". ودافع قائد شرطة لندن، مارك رولي، عن هذا الإجراء، مدعيًا أن توقيت المظاهرة ورسالتها "قد يزيدان، عن قصد أو عن غير قصد، من خطر معاداة السامية"، مضيفًا أن على الشرطة اتخاذ إجراءات حاسمة في ظل الوضع الراهن للحفاظ على السلامة العامة.
جاءت الاعتقالات في الوقت الذي شدد فيه كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية سابقًا على ضرورة إلغاء المسيرة. حثّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في رسالة على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، المتظاهرين على احترام ما أسماه "حزن الجالية اليهودية" والامتناع عن التظاهر في هذا الوقت. كما وصف وزير الداخلية البريطاني شعبان محمود الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في هذا الوقت بأنها "غير بريطانية" و"مخزية".
ورغم هذا الضغط، أعلن منظمو المسيرة أن إلغاء الاحتجاجات "يعني انتصار الإرهاب"، واستمر المتظاهرون في تواجدهم في ميدان ترافالغار رغم التهديد بالاعتقال. وأكد أحد المشاركين في مقابلة مع الصحفيين: "حتى لو اعتُقلت، لا يهمني؛ المهم هو حرية فلسطين".
لكن الاعتقالات الجماعية أثارت أيضًا رد فعل سياسي حاد. وصف زعيم حزب الخضر زاك بولانسكي قرار الحكومة بإدراج منظمة "العمل من أجل فلسطين" كجزء من حملة قمع على الحق في الاحتجاج، ودعا إلى شطبها من القائمة. وصف جيريمي كوربين، العضو البارز في مجلس العموم والزعيم السابق لحزب العمال، خطوة الحكومة بأنها "غير منطقية واستبدادية"، ودعا وزارة الداخلية إلى رفع الحظر.
على أي حال، سلّط عدد الاعتقالات في يوم واحد الضوء على الفجوة بين المجتمع المدني والحكم السياسي في المملكة المتحدة. وبينما شدّدت الحكومة قوانين الأمن وشنّت حملة قمع على الجماعات المحظورة، يقول المنتقدون إن استمرار هذا التوجه يعني انتهاك حرية التعبير وتقييد المساحة الديمقراطية.
ارسال تعليق