وأهم مظاهر الطبیعة الحضاریة البنائیة لنظریة ولایة الإمام على الفقیه هو: الانتقال من الرأی إلى العمل

ولایت فقیه امام، محصول کتب و مبانی فقهی صرف نیست، بلکه در کنار توجه به احکام و موضوعات فقاهتی از عنصر زمان و نیاز جامعه نشأت می‌گیرد.

startNewsMessage1

وفي رسالة إلى المؤتمر الدولي بمناسبة الذكرى المئوية لإعادة تأسيس الحوزة العلمية في قم، أوضح قائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي، العناصر والوظائف المختلفة للحوزة العلمية، وحدد المتطلبات اللازمة لتحقيق "حوزة علمية متقدمة ومتميزة" مبتكرة وتقدمية وعصرية ومستجيبة للقضايا الناشئة ومتحضرة وتتمتع بروح التقدم والنضال والهوية الثورية، فضلاً عن كونها قادرة على تصميم أنظمة لحكم المجتمع.

في جزء من رسالته، أشار قائد الثورة إلى مبادرة الإمام في طرح قضايا ولاية الفقيه: "فيما يتعلق بأصل الحكم ونشأته، كان العمل المتميز للإمام الراحل في قضايا ولاية الفقيه خلال منفاه في النجف بداية مباركة، وفتح المجال أمام علماء الحوزة للبحث، وبعد قيام الجمهورية الإسلامية، تطورت أبعادها المختلفة نظريًا وعمليًا. إلا أن هذا العمل لا يزال غير موفق ومشوّش في العديد من النظم الاجتماعية في البلاد. يجب على المجال أن يملأ هذا الفراغ؛ وهذا من الواجبات الأساسية للحوزة. واليوم، مع قيام النظام الإسلامي، أصبحت مهمة الفقيه والفقه ثقيلة. واليوم، كما أوضح الإمام الراحل، لا يمكن فهم الفقه على أنه غارق في الأحكام الفردية والشرعية، كما يفعل الجاهلون. فقه بناء الأمة لا يقتصر على حدود وأبعاد الأحكام الشرعية والواجبات الفردية".

ما تقرأونه أدناه هو مراجعة لـ "مبادرة الإمام الخميني (رض) المبتكرة في طرح نظرية ولاية الفقيه" بقلم محمد ملك زاده:

تعتبر نظرية ولاية الفقيه من المبادئ التي أقرها علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين في تاريخهم. ولكن طرح هذه النظرية من قبل مؤسس الجمهورية الإسلامية يختلف اختلافاً جوهرياً عن آراء العلماء الذين سبقوه. وفي هذه الكلمة المختصرة، بمناسبة الذكرى المئوية لإعادة تأسيس حوزة قم والرسالة التاريخية لقائد الثورة، سنشير إلى اثنتين من ميزاتها المهمة.

الانتقال من مجال الرأي إلى مجال العمل للاستجابة لحاجات المجتمع الإسلامي

إن نظرية ولاية الفقيه للإمام الخميني تقدم منظوراً جديداً يرتكز على احتياجات المجتمع الإسلامي اليوم، حيث تؤكد على المواجهة والنضال ضد الاستعمار. إن دراسة أحداث القرن العشرين في العالم تبين أن هذا القرن كان عصر القلايين وتبلور الأفكار السياسية المتنوعة من المدارس المادية والروحية المتنوعة. وفي الوقت نفسه فإن الاهتمام بالإسلام السياسي وتنظير البعد السياسي للإسلام بالاعتماد على المصادر الدينية الأصيلة وتكييفها مع قضايا الأمة الإسلامية الراهنة كان من القضايا التي اهتم بها بعض المفكرين المسلمين اهتماماً جدياً في التاريخ المعاصر.

من السيد أبو الأعلى المودودي في باكستان إلى السيد قطب وحسن البنا في مصر، كلهم ​​سعوا إلى أفكار سياسية جديدة ومبتكرة، ولكن على أساس المبادئ الإسلامية، وفي ضوئها يمكن تطبيقها في المجال الموضوعي للمجتمع، فلا تعالج النظام الداخلي للمجتمعات الإسلامية فحسب، بل وتجد القدرة على مقاومة الغطرسة العالمية، وتتقدم نحو نظام جديد للعلاقات السياسية الداخلية والخارجية وفقاً لتعاليم الإسلام. ولكن في هذه الأثناء فإن الشخص الوحيد الذي استطاع، بدعم من انتفاضة شعبية، وامتلاك نظرية شاملة ومتكاملة في أبعاد السياسة الإسلامية، أن ينقل هذه الفكرة من نطاق الرأي إلى نطاق الممارسة والتجربة، هو مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني (رحمه الله).

إن الفكر السياسي للإمام هو نتاج شموليته. ولذلك ربما لا يمكن اعتبار الفكر السياسي للإمام، بكل ما فيه من دقة وخصوصية، نتاجاً لعلم محدد. بل لا بد من القول إن هذه النظرية السياسية وما يميز قائد الثورة العظيم عن غيره من العلماء من رجال الدين وسائر المقاتلين في ساحة المواجهة مع النظام الظالم هو نتيجة شمولية الإمام في أمور عديدة، منها فقهه الكامل في العلوم الدينية، واهتمامه بحقائق المجتمع، والأهم من ذلك كله استخدامه لعنصر الزمن في الفقه، ومعرفته بالتيارات السياسية والنضالية في ذلك العصر، وبعض جوانب شخصيته. وبعبارة أخرى، ينبغي أن يقال إن الإمام كان على دراية تامة بروح الإسلام والاحتياجات الحقيقية للمجتمع الإسلامي، لدرجة أنه استطاع أن يجمع بين موضوع حساس مثل السياسة، الذي كان محل حذر أو اعتراض عند بعض العلماء السابقين، وبين الإسلام المبني على المصادر الموثوقة، ووضعه في انسجام مع حكم الشارع المقدس وتنفيذ الأحكام الإلهية في عصر الغيبة.

الدور الحضاري لولاية الفقيه في فكر الإمام الخميني (رض)

لقد احتلت ولاية الفقيه، باعتبارها أهم مكونات الفكر السياسي للإمام، مكانة مهمة في قاموسه النظري. ولاية الفقيه مسألة اتفق عليها علماء الشيعة جميعاً تقريباً، من القدماء إلى المعاصرين. وبنظرة سريعة نرى أن عدداً كبيراً من علماء الشيعة إما ألفوا كتباً ورسائل مستقلة في موضوع ولاية الفقيه، أو ناقشوا هذا المبدأ في كتبهم الفقهية. ورغم ذلك فإن الإمام الخميني، مع الاهتمام بمبدأ ولاية الفقيه، يقدم رؤية جديدة للسياسة الإسلامية ترتكز على احتياجات المجتمع الإسلامي اليوم، وترتكز على العقل والطبيعة البشرية. ولذلك فهو لا يسعى في كتابه ولاية الفقيه إلى إثبات هذه النظرية من خلال الروايات فقط. بل إنه يبدأ بالقول، مستعرضًا الحجج العقلية: "ولاية الفقيه من المسائل التي يُثبَت مجرد إدراكها ولا يحتاج إلى كثير برهان؛ أي أن من فهم عقائد الإسلام وأحكامه، ولو فهمًا يسيرًا، قد بلغ مرتبة الفقيه، وتصوّرها، وأقرّ بها فورًا". (1) وهذا المنظور يُظهر بوضوح إلمام الإمام بروح الإسلام ومنطقه. فبالنظر إلى عنصر "الزمان" وأهمية هذا العنصر في منظور الإمام، استطاع أن يفهم ويعكس حاجة الأمة المسلمة الملحة والمهملة.

وبصورة أساسية يمكن القول إن الإمام الخميني لم ينظر إلى قضية ولاية الفقيه من منظور فقهي محض، بل بالنظر إلى واقع المجتمع وتاريخ المسلمين. وعليه فإن ولاية فقيه الإمام ليست نتاجاً لمجرد الكتب والأصول الفقهية، بل هي نابعة من عوامل العصر وحاجات المجتمع، مع الاهتمام بالأحكام والمسائل الفقهية. لذلك، في مستهل كتاب "ولاية الفقيه"، يشير الإمام إلى تحدي الاستعمار المعادي من منظوره الحضاري، فيقول: "الإسلام دين المجاهدين الساعين إلى الحق والعدل. دين من ينشد الحرية والاستقلال. مدرسة المجاهدين والشعب مناهضة للاستعمار... الصورة الزائفة التي شُكِّلت عن الإسلام في أذهان العامة... تهدف إلى إضعاف جوهره الثوري والحيوي، ومنع المسلمين من النضال والتحرك والتعبئة". (2)

في مقدمة كتاب "ولاية الفقيه" كأحد الكتب التي تحدد الفكر السياسي للإمام وأفقه تجاه الإسلام والعصر، نشهد نموذجاً ونظرية "ولاية الفقيه" التي، في حين تشمل كل احتياجات المسلمين، شيعة وسنة، تسمح لكل إنسان مناهض للاستعمار ومحب للحرية أن يعيش حياة نضالية تحت مظلتها. وهذا هو المظهر الأهم لطبيعة نظرية ولاية الفقيه البناءة الحضارية في فكر مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي وضعها موضع التطبيق العملي من الناحية النظرية.

الحاشية السفلية

1. الامام الخميني، ولاية الفقيه، ص35. 3.

2. المرجع نفسه، ص 4 و5.

 

ارسال تعليق