ومن خلال الكشف عن وثيقة استراتيجية "العراق أولا" للأعوام 2025 إلى 2030، اتخذ رئيس الوزراء العراقي خطوة كبيرة نحو إعادة تعريف الموقف الوطني، واستقرار الأمن، وتنمية الاقتصاد، واستعادة دور بغداد الإقليمي.
كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس الماضي، عن إعداد وثيقة استراتيجية الأمن الوطني للفترة (2025-2030) تحت عنوان "العراق أولا" بهدف تعزيز أمن العراق واستقراره وسيادته وازدهاره، فضلا عن خلق شراكات دولية متوازنة.
وهذا في حين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد اقترح في السابق فكرة مماثلة تسمى "أميركا أولا" عندما تولى السلطة، ولكن ربما يكون هذا مجرد اقتباس من شعار الرئيس الأميركي، الذي تكمن وراءه أهداف محلية واحتياجات ملحة، أو رواية جديدة عن الثقة بالنفس والاستقلال في أرض مزقتها سنوات من النفوذ والصراع.
وفي حين رحب بعض السياسيين والمحللين بالخطة، أثار آخرون مخاوف وانتقادات.
نظرة على أهداف استراتيجية الأمن الوطني "العراق أولاً"
كشف محمد شياع السوداني عن استراتيجية الأمن الوطني أو الوثيقة الشاملة الجديدة التي حملت عنوان "العراق أولا" أو بمعنى آخر "العراق في الأولوية". تم إعداد هذه الاستراتيجية للأعوام 2025 إلى 2030 مع عدة أهداف رئيسية، كتعزيز أمن العراق واستقراره وسيادته وازدهاره، ويمكن تصنيف بعضها على النحو التالي:
أ: حماية المصالح الوطنية العليا ووجود الدولة
تعد هذه الاستراتيجية وثيقة وطنية اساسية لتعزيز وتفعيل نظام إدارة المصالح العليا للبلاد والحكومة العراقية، وهدفها الرئيسي كما جاء في نص هذه الاستراتيجية هو حماية العراق من التحديات والمتغيرات الداخلية والخارجية، وتأمين مصالحه الحيوية، وتهيئة المتطلبات اللازمة لتحقيق أهدافه الاستراتيجية وعلاقاته الإقليمية والدولية.
ب: تعزيز الأمن الداخلي والخارجي
ومن أهم ركائز هذه الاستراتيجية تطوير منظومة الأمن والدفاع العراقية لتحقيق الأمن الشامل داخل حدودها وخارجها، بما في ذلك مكافحة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة.
والسبب الذي جعل هذه القضية حاسمة بالنسبة للعراق هو أن البلاد واجهت تحديات أمنية كبرى في العقود الأخيرة، بما في ذلك التهديدات الإرهابية، وخاصة من تنظيم داعش، لدرجة أنه حتى لو انخفض الوجود المادي لهذه الجماعات، فإن خلاياها الخاملة لا تزال تسعى إلى إعادة البناء واستئناف أنشطتها.
ولذلك، وفي إطار الاستراتيجية الأمنية الجديدة، تسعى بغداد إلى تجفيف جذور الإرهاب، والذي كان آخر تجلياته الهجوم الذي شنته القوات العراقية، بالتعاون مع التحالف، على أحد مقرات داعش، ما أدى إلى مقتل "عبد الله مكي"، حاكم داعش السابق في العراق وسوريا، واعتقال "أم خديجة الشيشاني" وزوجته وعدد من قيادات داعش الآخرين.
ولم تذهب أهمية استراتيجية مكافحة الإرهاب سدى، إذ أعلن رئيس الوزراء العراقي بنفسه نبأ مقتل عبد الله مكي مصلح الرفاعي الملقب بـ"أبو خديجة"، مؤكداً: "أن العراقيين يواصلون انتصاراتهم الباهرة على قوى الظلام والإرهاب".
وتشمل الجريمة المنظمة أيضا الاتجار بالمخدرات، والاتجار بالبشر، وغسيل الأموال، وغيرها من الأنشطة الإجرامية التي لا تؤدي إلى تعطيل النظام الاجتماعي فحسب، بل يمكن أن تصبح أيضا مصادر لتمويل الإرهاب، في حين تؤكد الاستراتيجية الجديدة على مكافحة هذه الجرائم وإضعاف قدرة الشبكات النشطة في هذا المجال.
ج: تنمية اقتصادية قوية ومتنوعة ومستدامة
وتؤكد استراتيجية "العراق أولا" على بناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستدام، بما في ذلك تقليل الاعتماد على النفط، وتطوير القطاعات غير النفطية، وجذب الاستثمار، وخلق فرص العمل للشباب العراقي. وينص نص هذه الاستراتيجية على: بناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستدام، وإقامة شراكات إقليمية ودولية متوازنة وفعالة، إلى جانب تعزيز الأمن الاجتماعي وحماية التنوع والتعايش السلمي، واعتماد نظام خدمات فعال ومصمم لتلبية احتياجات الناس، من بين أهدافها.
د: بناء شراكات إقليمية ودولية متوازنة وفعالة
يسعى العراق إلى إقامة علاقات دبلوماسية وشراكات مع دول المنطقة والعالم مبنية على التوازن والاحترام المتبادل. تؤكد هذه الفقرة من استراتيجية الأمن الوطني العراقي (2025-2030) على أهمية الدبلوماسية الفاعلة والذكية في العلاقات الخارجية للبلاد، وهدفها الرئيسي هو إعادة بناء وتعزيز مكانة العراق الإقليمية والدولية من خلال إقامة علاقات متوازنة وفعّالة مع دول المنطقة والعالم.
ومن النقاط التي يجب ملاحظتها في هذه الاستراتيجية هي صياغتها ومتابعة تنفيذها حسب كلام رئيس الوزراء العراقي شيعة السوداني من قبل النخب الوطنية من كافة مؤسسات الدولة بما في ذلك ممثلي الوفود الرئاسية والوزارات الأمنية وأجهزة المخابرات والوفود والمؤسسات غير التابعة للوزارة والمحافظات والجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والنقابات والجمعيات العلمية وممثلي قطاعات الإعلام والمنظمات غير الحكومية في العراق. وهنأهم رئيس الوزراء شخصياً على هذا الإنجاز، وشدد على بذل المزيد من الجهود والإصرار على النجاح في هذه المهمة خدمةً للشعب والوطن.
عند تجميع هذه الوثيقة، تم إيلاء اهتمام خاص لقيمة الكلمات والحمل الدلالي لها. على سبيل المثال، في هذه الفقرة فإن استخدام كلمتي "متوازنة" و"فعالة" في إقامة الشراكات الإقليمية والدولية يعني أن العراق لا ينوي الاعتماد على أي من أقطاب القوة الإقليمية أو العالمية، لأن تجربة ذلك في الماضي والتوجه نحو كتلة معينة انتهى في بعض الأحيان إلى الإضرار بالمصالح الوطنية العراقية.
لذلك فإن الاستراتيجية الجديدة تؤكد على الحفاظ على استقلالية العمل وتطوير العلاقات مع جميع الأطراف على أساس الاحترام المتبادل، وهذا النهج سيسمح للعراق بتطوير مصالحه بشكل أفضل على الساحة العالمية ويمنعه من أن يصبح مسرحاً للتنافس بين القوى الأخرى.
إن فعالية العلاقات يمكن أن تؤكد أيضاً على طبيعة النهج العراقي الموجه نحو النتائج، وهذا يعني أن الهدف ليس مجرد إقامة علاقات دبلوماسية، بل أن تؤدي هذه العلاقات إلى فوائد ملموسة للعراق.
وتكمن أهمية اعتماد هذا النهج بالنسبة للعراق في أنه قد يكون بمثابة وعد باستعادة دور البلاد الإقليمي بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار، ولعب دور كلاعب مهم وفعال في المنطقة.
باختصار، يشير صياغة الوثيقة الجديدة واستراتيجية الأمن الوطني إلى تحول جذري في السياسة الخارجية العراقية، مما يمكّن البلاد من الانتقال من النهج السلبي أو التفاعلي إلى دبلوماسية نشطة ومستقلة وهادفة، تسعى إلى المساهمة بشكل أكبر في المصالح الوطنية العراقية على الساحة الدولية.
ويمكن الاستشهاد بأهمية تعزيز التكافل الاجتماعي بين الشعب، وحماية التنوع الثقافي والديني، وضمان التعايش السلمي بين جميع شرائح المجتمع العراقي، بما في ذلك مكافحة التطرف والتمييز، وتوفير الخدمات الفعالة التي تتوافق مع احتياجات الشعب، مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء والبنية التحتية، وغيرها من الاحتياجات الأساسية للمواطنين العراقيين، كأمثلة على التأكيد على تعزيز الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي في هذه الوثيقة.
هـ: حماية التراث الحضاري والأماكن المقدسة
إن الحفاظ على التراث الثقافي والمقدسات في المجتمع العراقي كجزء من الهوية الوطنية للبلاد، قضية مهمة حظيت باهتمام خاص في هذه الوثيقة والاستراتيجية، كما جاء في نص الوثيقة: "إن المسؤولية المشتركة لنا جميعاً تتطلب منا السعي لبناء وطننا وخدمة شعبه، وتطوير مؤسساته العريقة، والحفاظ على تراثه الحضاري ومقدساته، ليتمكن في نهاية المطاف من خدمة البشرية جمعاء، لأن الرؤية الوطنية المعتمدة في هذه الاستراتيجية تقوم على عراق اتحادي آمن ذي سيادة كاملة، تسوده العدالة والمساواة بين المواطنين لتحقيق الاستقرار والتنمية".
ويسلط هذا الجزء من استراتيجية الأمن الوطني العراقي الضوء على حماية التراث الثقافي والأماكن المقدسة كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية للبلاد ويقدمها كقضية حيوية للبلاد، حيث أن العراق أرض ذات تاريخ يمتد لآلاف السنين وأحد مهود الحضارة الإنسانية.
إن وجود أماكن مقدسة ودينية مهمة للغاية للمسلمين، بما في ذلك أضرحة العديد من أئمة الشيعة والأماكن المقدسة الأخرى لديانات أخرى، مثل الكنائس المسيحية المختلفة، بما في ذلك كنيسة مريم العذراء في بغداد، واليهود ومعابدهم المختلفة، والإيزيديين والصابئة، وغيرهم، تجذب ملايين الحجاج والزوار سنويًا، وكانت السياحة الدينية والثقافية دائمًا إحدى طرق كسب الدخل وتحسين الاقتصاد المحلي في هذا البلد.
لذلك فإن الاستراتيجية الجديدة تؤكد على الحفاظ على استقلالية العمل وتطوير العلاقات مع جميع الأطراف على أساس الاحترام المتبادل، وهذا النهج سيسمح للعراق بتطوير مصالحه بشكل أفضل على الساحة العالمية ويمنعه من أن يصبح مسرحاً للتنافس بين القوى الأخرى.
إن فعالية العلاقات يمكن أن تؤكد أيضاً على طبيعة النهج العراقي الموجه نحو النتائج، وهذا يعني أن الهدف ليس مجرد إقامة علاقات دبلوماسية، بل أن تؤدي هذه العلاقات إلى فوائد ملموسة للعراق.
وتكمن أهمية اعتماد هذا النهج بالنسبة للعراق في أنه قد يكون بمثابة وعد باستعادة دور البلاد الإقليمي بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار، ولعب دور كلاعب مهم وفعال في المنطقة.
باختصار، يشير صياغة الوثيقة الجديدة واستراتيجية الأمن الوطني إلى تحول جذري في السياسة الخارجية العراقية، مما يمكّن البلاد من الانتقال من النهج السلبي أو التفاعلي إلى دبلوماسية نشطة ومستقلة وهادفة، تسعى إلى المساهمة بشكل أكبر في المصالح الوطنية العراقية على الساحة الدولية.
ويمكن الاستشهاد بأهمية تعزيز التكافل الاجتماعي بين الشعب، وحماية التنوع الثقافي والديني، وضمان التعايش السلمي بين جميع شرائح المجتمع العراقي، بما في ذلك مكافحة التطرف والتمييز، وتوفير الخدمات الفعالة التي تتوافق مع احتياجات الشعب، مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء والبنية التحتية، وغيرها من الاحتياجات الأساسية للمواطنين العراقيين، كأمثلة على التأكيد على تعزيز الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي في هذه الوثيقة.
هـ: حماية التراث الحضاري والأماكن المقدسة
إن الحفاظ على التراث الثقافي والمقدسات في المجتمع العراقي كجزء من الهوية الوطنية للبلاد، قضية مهمة حظيت باهتمام خاص في هذه الوثيقة والاستراتيجية، كما جاء في نص الوثيقة: "إن المسؤولية المشتركة لنا جميعاً تتطلب منا السعي لبناء وطننا وخدمة شعبه، وتطوير مؤسساته العريقة، والحفاظ على تراثه الحضاري ومقدساته، ليتمكن في نهاية المطاف من خدمة البشرية جمعاء، لأن الرؤية الوطنية المعتمدة في هذه الاستراتيجية تقوم على عراق اتحادي آمن ذي سيادة كاملة، تسوده العدالة والمساواة بين المواطنين لتحقيق الاستقرار والتنمية".
ويسلط هذا الجزء من استراتيجية الأمن الوطني العراقي الضوء على حماية التراث الثقافي والأماكن المقدسة كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية للبلاد ويقدمها كقضية حيوية للبلاد، حيث أن العراق أرض ذات تاريخ يمتد لآلاف السنين وأحد مهود الحضارة الإنسانية.
إن وجود أماكن مقدسة ودينية مهمة للغاية للمسلمين، بما في ذلك أضرحة العديد من أئمة الشيعة والأماكن المقدسة الأخرى لديانات أخرى، مثل الكنائس المسيحية المختلفة، بما في ذلك كنيسة مريم العذراء في بغداد، واليهود ومعابدهم المختلفة، والإيزيديين والصابئة، وغيرهم، تجذب ملايين الحجاج والزوار سنويًا، وكانت السياحة الدينية والثقافية دائمًا إحدى طرق كسب الدخل وتحسين الاقتصاد المحلي في هذا البلد.
ارسال تعليق